سلاح أو سيف يجوز لآحاد الناس، بشرط الضرورة والاقتصار على قدر الحاجة، فإن احتاج إلى أعوان يشهرون السلاح، لكونه لا يقدر على التغير بنفسه ثم قال، فالصحيح أن ذلك يحتاج إلى إذن الإمام لأنه يؤدي إلى الفتن، وهيجان الفساد).
وقيل: لا يشترط في ذلك إذن الإمام. وقد قال أبو طالب عمر بن الربيع: الحشاب - فيمن يشرب الخمر، ويجمع الجموع على ذلك - يجب إذا شاهدناهم أن ننهاهم، فإن أجابوا وإلاّ صرنا إلى السلطان، حتى يمنعهم ويعاقبهم بما يستوجبون، إذا أمنا تعديه عليهم، فإن لم يمكن الوصول إلى السلطان كان على المسلمين أن ينكروا على هؤلاء الذين يجمعون الجموع على المنكر، وأن يفرقوا جماعتهم، فإن كانوا في منازلهم لا يصل المسلمون إليهم، وجب على السلطان أن يبعث من يهجم عليهم في منازلهم، حتى يمنعهم ويعاقبهم بما يستوجبون من العقوبة، وليس للمسلمين أن يهجموا عليهم إلاّ بأن يأمرهم السلطان، وبأن أمرهم بذلك كان لهم أن يهجموا عليهم، ويفرقوا جماعتهم. وليس لهم أن يعاقبوهم. لأن العقوبة إنما حق للسلطان أو نوابه، وليس ذلك إلى الرعية، فإن كان هؤلاء المجتمعون على المنكر متعدين على المسلمين، مثل أن يكون معهم امرأة مكرهة أو رجل قد أضجعوه، ليقتلوه وجب على المسلمين الهجوم عليهم، أمرهم السلطان أو لم يأمرهم.
وإذا لم يكن منهم أذى ولا ظلم ولا إظهار ذلك بالملاهي والجموع، وإنما معاصيهم بينهم وبين ربهم لم يكن للمسلمين أن يهجموا عليهم، ولا يصيروا إلى السلطان في أمرهم، ولكن يجب عليهم أن يعظوهم ويخوفوهم عقاب الله - عز وجل - ثم قال - في موضع آخر: فإن قال قائل: أفيجب الإنكار على من يظهر السفه والخنا في الطريق؟ نعم إن كان ممن إذا نهي انتهى وعظوه بتخويف عقاب الله - تعالى-. وإن كان ممن لا ينتهي بالموعظة، كان لهم أن يزجوا به إلى السلطان، حتى يعاقبه على ذلك بما يرى أنه مانع له. انتهى.
قال أبو حامد الغزالي - رحمه الله-: أما التعريف والوعظ فكيف يحتاج إلى إذن الإمام؟ وأما التجهيل والتحميق والنسبة إلى الفسق وقلة الخوف من الله - تعالى-، وما يجري مجرى ذلك، فهو كلام صدق والصدق محقق (بل) من أفضل الدرجات كلمة حق عند سلطان جائر - كما سيأتي في الحديث.