فإذا جاز الحكم على الإمام على مراغمته فكيف يحتاج إلى إذنه! ؟ وذلك ككسر الملاهي، والمنع من شرب الخمر، فإنه تعاطى ما يعرف كونه حقًا من غير اجتهاد فلا يفتقر إلى الإمام.
وأما جمع الأعوان، وشهر الأسلحة فذلك قد يجر إلى فتنة عامة، ففيه نظر، واستمرار عادات السلف الصالح على الإنكار على الولاة قاطع - بإجماعهم - على الاستغناء عن التفويض، بل كل أمر بمعروف أو نهي عن منكر إن كان الوالي راضيًا به (فذاك، وإن كان ساخطًا فسخطه له منكر، ويجب الإنكار (عليه) فكيف يحتاج إلى إذنه) في الإنكار عليه.
ويدل على ذلك عادة السلف في الإنكار على الأئمة. كما سبق - في الباب الأول من حديث طارق بن شهاب: أن مروان بن الحكم - رضي الله عنه- وكان أمير المدينة - خطب قبل الصلاة في العيد. فقال له رجل: إنما الخطبة بعد الصلاة. فقال مروان: قد ترك ذلك، فقال أبو سعيد الخدري أما هذا فقد قضى ما عليه. الحديث.
قال العلماء: فقد كانوا فهموا من هذه العمومات دخول السلاطين تحتها فكيف يحتاج إلى إذنه - كما ذكر الغزالي وغيره.
ولكن من ولاه السلطان الحسبة تعين عليه فعل ذلك ما ليس لغيره كما ذكر ابن حمدان في الرعاية، وغيره.
وسيأتي - فيما بعد - تمام الكلام على ذلك فيما يتعلق بالإنكار على السلطان والله المستعان، وعليه التكلان.
الشرط الخامس: أن يكون (الآمر قادرًا، ولا يخفى أن العاجز ليس عليه الإنكار إلاّ بقلبه - كما سبق بيانه-.
إذ كل من أحب الله يكره معاصيه، وينكرها. كما قال ابن مسعود: جاهدوا الكفار بأيديكم فإن لم تستطيعوا إلاّ أن تكفهروا في وجوههم فافعلوا.