يعني ينكر على الصبيان ما هو محرم وكل محرم رديء في الشرع.
قال أبو العباس بن تيمية - رحمه الله-: في الكلام على حديث ابن عمر الذي رواه: أنه كان مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وسمع زمارة راع فسد أذنيه (قال: لم يعلم أن الرقيق كان بالغًا فلعله كان صغيرًا دون البلوغ، والصبيان رخص لهم في الملعب ما لم يرخص فيه للبالغ). قال ابن مفلح: وذكر الأصحاب وغيرهم: أن سماع المحرم بدون استماعه وهو قصد السماع، لا يحرم، وذكره الشيخ تقي الدين - أيضًا - وزاد: باتفاق المسلمين.
قال: وإنما سد النبي - صلى الله عليه وسلم - أذنيه مبالغة في التحفظ فسن بذلك أن الامتناع من أن يسمع ذلك خير من السماع.
وفي المغني جواب آخر: إنه أبيح للحاجة في معرفة انقطاع الصوت، فكذا قال في الفنون: أبيح لضرورة الاستعلام.
كما لو أرسل الحاكم إلى أهل الزمر لا من يستمع له ويستعلم خبرهم أبيح له أن يستمع لضرورة الاستعلام.
وكالنظر إلى الأجنبية للحاجة. انتهى.
قال الغزالي: (فإن قلت: فكل من رأى بهائم قد استرسلت في زرع إنسان فهل يجب عليه إخراجها وكل من رأى مالاً لمسلم أشرف على الضياع، هل يجب عليه حفظه؟ فإن قلتم: إن ذلك واجب، فهذا تكليف شطط، يؤدي إلى أن يصير الإنسان مسخر طول عمره، وإن قلتم لا يجب فلم يجب الإنكار على من يغصب مال غيره وليس له سبب سوى مراعاة حق الغير. فتقول: هذا بحث دقيق غامض والقول الوجيز فيه أن نقول: مهما قدر على حفظه من الضياع، من غير أن يصيبه تعب في بدنه، أو خسران في ماله، أو نقصان في جاهه، وجب عليه ذلك، فذلك القدر واجب في حقوق المسلم، بل هو أول درجات الحقوق والأدلة الموجبة لحقوق المسلم كثيرة وهذا أقل درجاتها، وهو أولى بالإيجاب من رد السلام، فإن الأذى في هذا أكثر من الأذى في ترك رد السلام، بل لا خلاف في أن مال الإنسان إذا كان يضيع بظلم ظالم، وكان عنده شهادة لو تكلم بها لرجع الحق إليه، لوجب عليه ذلك وعصى بكتمان الشهادة، ففي معنى ترك الشهادة ترك كل دفع لا ضرر فيه على