وحكي عن بعضهم: أنه يجب. واختار أبو بكر بن المنذر وغيره من الأئمة: أن الميت إذا نيح عليه يعذب إذا لم يوص بتركه وكان من عادة أهله النوح.
قال الإمام العلامة مجد الدين عبد السلام بن تيمية - في شرح الهداية: وهو أصح الأقوال لأنه متى غلب على ظنه فعلهم له ولم يوص بتركه مع القدرة فقد رضي به فصار كتارك النهي عن المنكر مع القدرة.
قال أبو عبد الله بن مفلح:(فقد جعل ظن وقوع المنكر بمنزلة المنكر الموجود في وجوب الإنكار والمشهور في هذه الحالة: أنه لا يعذب).
ثم قال:(وهل يرفع المنكر الماضي إلى ولي الأمر أم لا)؟
ينبني على روايتين عن الإمام أحمد في:(رفع المنكر إلى السلطان إذا علم أنه يقيمه على الوجه المأمور، ولهذا تقبل الشهادة بسبب قديم يوجب الحد في المشهور من مذهب الإمام أحمد، لأنه إنكار وإقامة شهادة) انتهى.
قال أبو حامد الغزالي - بعد كلام له - فإذا المعصية لها ثلاثة أحوال:
أحدها: أن تكون ماضية متصرمة والعقوبة على تصرم منها حد أو تعزير وهو إلى الولاة لا إلى الآحاد.
الحالة الثانية: أن تكون المعصية موجودة وصاحبها مباشر له اكلبسه الحرير، وإمساكه العود والخمر، فإبطال هذه المعصية واجب بكل ما يمكن ما لم يؤد إلى معصية أفحش منها أو مثلها، وذلك يثبت للآحاد والرعية.
الحالة الثالثة: أن يكون المنكر متوقعًا كالذي يستعد بكنس المجلس وترتيبه وجمع الرياحين لشرب الخمر ولم يحضر الخمر فهذا مشكوك فيه وربما يعوق عنه عائق فلا يثبت للآحاد سلطنة على العازم على الشرب إلاّ بطريق الوعظ والنصح - كما تقدم قريبًا - فأما بالتعنيف والضرب فلا يجوز لا للآحاد ولا للسلطان، إلاّ إذا كانت تلك المعصية معلومة منه بالعادة المستمرة وقد أقدم على السبب الذي جلبه إليها ولم يبق لحصول المعصية إلاّ ما ليس له فيه إلاّ الانتظار، وذلك كوقوف الأحداث على حمامات النساء للنظر إليهن عند الدخول والخروج أو في أماكن مرورهن فإنهم وإن لم يضيق الطريق لسعته فيجوز الإنكار عليهم بإقامتهم في الموضع ومنعهم من الوقوف بالتعنيف والضرب وكان تحقيق هذا إذا بحث عنه يرجع إلى أن هذا الوقوف في نفسه معصية وإن كان مقصد المعاصي (وراءه) كما أن الخلوة - في نفسها - معصية، لأنها مظنة وقوع المعصية وتحصيل مظنة المعصية معصية. ونعني