للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وروى الإمام أحمد - أيضًا - من حديث المطلب بن حنطب مرسلًا: طوبى للغرباء قال يا رسول الله من الغرباء؟ قال: (يزيدون إذا نقص الناس) وحنطب بفتح الحاء المهملة، وسكون النون، وفتح الطاء المهملة والله أعلم.

وروى الطبراني - في الكبير- من حديث أبي الدرداء، وأبي أمامة، وواثلة بن الأسقع، وأنس. قالوا: خرج علينا رسول الله صلى الله عليه وسلم ونحن نتمارى في شيء من أمور الدين. فذكر الحديث إلى أن قال: (إن الإسلام بدأ غريبًا وسيعود غريبًا) قالوا: يا رسول الله، من الغرباء؟ قال: (الذين يصلحون إذا فسد الناس، ولم يتماروا في دين الله، ولا يكفروا أحدًا من دين التوحيد بذنب).

وروى الإمام أحمد-أيضًا- والطبراني من حديث عبد الله بن عمرو بن العاص - رضي الله عنهما - عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: (طوبى للغرباء) قلنا: وما الغرباء؟ قال: (قوم صالحون قليل في ناس سوء كثير من يعصهم أكثر ممن يطيعهم).

وفي رواية: (من يبغضهم أكثر ممن يحبهم).

قوله صلى الله عليه وسلم: (بدأ الإسلام غريبًا) (بدأ) معناه في آحاد من الناس وقلة، ثم انتشروا وظهر، ثم يلحقه النقص والاختلال حتى لا يبقى إلا في آحاد من الناس وقلة-أيضًا -كما بدأ.

و(طوبى) يعني من الطيب، ومعناه: نوح وقرة عين. وقيل: نعم ما لهم. وقيل: غبطة لهم. وقيل: خير لهم وكرامة. وقيل: الجنة.

وأما (الغرباء) فقد جاء تفسيرهم في هذه الأحاديث: (وهم النزع من القبائل) يعني الذين قلوا فلا يوجد في كل قبيلة منهم إلا الواحد والإثنان، وقد لا يوجد في القبائل والبلدان منهم أحد -كما كان في أول الإسلام. وفي الحديث المتقدم (الذين يصلحون إذا فسد الناس) يعني هم قوم صالحون عاملون بالسنة في زمن الفساد وفي حديث أخر: (الذين يصلحون ما أفسده الناس) يعني من السنة. وفي رواية: (المتمسكون بما أنتم عليه اليوم).

وفي الحديث الأخر: (الذين يزيدون إذا نقص الناس) يعني يزيدون خيرًا وإيمانًا وتقى إذا نقص الناس.

<<  <   >  >>