وروى أبو نعيم - في الحلية - بسند، عن خيثمة بن عبد الرحمن وكان قوم يؤذونه تحال: إن هؤلاء يؤذونني فلا والله ما طلبني. أحد منهم بحاجة إلا قضيتها، ولا أدخلت على أحد منهم أذى، ولأنا أبغض فيهم من الكلب الأسودـ، ولم يرون ذلك إلا أنه والله لا يحب منافق مؤمنًا أبدًا.
وأنشدني فارس العربية ومالك أذمة العلوم الأدبية برهان الدين أبو إسحاق إبراهيم الباعوني لنفسه:
اشكو إلى الباري أنا ساقد غدت ... ملأي بأنواع المخازي بيوتهم
تغلي على قلوبهم حقدًا كما ... تغلي على الجمر الكثيف قدورهم
هم يعلنون لذي اللقاء مودتي ... والله يعلم ما تكن صدورهم
ولبعضهم:
إني بليت بقوم لا خلاق لهم ... إن رمت إيضاح علم عندهم جهلوا
إن كنت منبسطًا سميت مسخرة ... أو كنت منقبضًا قالوا: به ثقل
وإن تقربت قالوا: جاء يسألنا ... وإن تزينت قالوا قد زها الرجل
من لم بخلق وخلق يرتضون به ... لا بارك الله فيهم إنهم سفلوا
هم الكشوت فلا أصل ولا ورق ... ولا نسيم ولا ظل ولا أثلُ
والكشوت: نبت معروف بهذه الصفة
وكان أبو الدرداء- رضي الله عنه- يقول: لا يحرز المؤمن من شرار الناس إلا قبره.
وأنشدوا:
وما احد من السن الناس سالم ... ولو انه ذاك النبي المطهر
فإن كان مقدامًا يقولون أهوج ... وإن كان مبذالًا يقولون: مبذر
وإن كان سكيتًا يقولون: أبكم ... وإن كان منطقيًا يقولون: مهذر
وإن كان صوامًا وباليل قائمًا ... يقولون ساع يرائي ويمكر
فلا تحتفل في الناس بالذم والثنا ... ولا تخشى غير الله والله اكبر