للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والشجاعة تحمله على عزة النفس وقوتها، وإيثار معالي الأخلاق والشيم على الندى الذي هو شجاعة النفس وقوتها، وتحمله على كظم الغيظ والحلم وتحمله علي إيثار معالي الأخلاق والشيم. وعلي شجاعة النفس وقوتها.

فإنه بقوة نفسه وشجاعتها، يمسك عنانها ويمنعها عن البطش.

كما صح عنه - - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: ليس الشديد بالصرعة إنما الشديد الذي يملك نفسه عند الغضب، وسيأتي الحديث- قريبًا بأتم من هذا.

والعدل: يحمله علي اعتدال أخلاقه، وتوسطه فيها بين طرفي الإفراط والتفريط. وملاك هذه الأربعة أصلان: إفراط النفس في الضعف، وإفراطها في القوة. فيتولد من إفراطها في الضعف، المهانة والبخل والخسة واللؤم والذل والحرص والشح وسفساف الأخلاق.

ويتولد من إفراطها في القوة الظلم والغضب والحسد والفحش والطيش.

ويتولد من (تزوج) أحد الخلقين بالآخر أولاد كثيرون، فإن النفس قد تجمع قوة وضعفًا، فيكون صاحبها أجبر الناس إذا قدر، وأذلهم إذا قهر. ظالم عسوف جبار فإذا قهر صار أذل من امرأة جبانة على القوى. جبار على الضعف. فالأخلاق الذميمة يولد بعضها بعضًا، وكذلك الأخلاق الحميدة. وكل خلق محمود يكتنف أي يحاط بخلقين ذميمين وهو وسط بينهما .. [فالمراد كل فضيلة وسط بين رذيلتين].

وسيأتي الكلام علي شيء من ذلك- في الباب السادس -إن شاء الله تعالي. والمقصود، أن حسن الخلق أصل كبير في الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بل هو أساسه، لأن سبب الغضب هجوم ما تكرهه النفس ممن هو دونها.

فالحادث عند السطوة والانتقام إذا هاج لم يكف مجرد العلم والورع ما لم يكن في الطبع قبول له بحسن الخلق.

وعلى التحقيق، فلا يتم الأمر والنهي إلا مع حسن الخلق (والقدرة علي ضبط الشهوة والغضب ويحتاج ذلك إلى قوة دينية، وقد جاء ذم سوء الخلق) في غير ما حديث مأثور، وأثر صحيح مشهود. ومن أمثلتها، ما روى الترمذي من حديث أبي سعيد الخدري.

<<  <   >  >>