للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عنهم، وعدم مقابلتهم والانتقام منهم لنفسه إذا سفهوا عليه.

وأنشدوا:

خذ العفو وأمر بعرف كما ... أمرت وأعرض عن الجاهلين

وعند اقتدارك كن راحمًا ... وأظهر دوامًا ما الجاه لينا

فاعفو (عمن) ظلم، والإحسان إلى من أساء من أخلاق الصديقين لكن إنما يحسن الإحسان إلى من ظلمك. فاما من ظلم غيرك وعصى الله به فلا يحسن الإحسان فيه، لأن في الإحسان إلى الظالم إساءة إلى المظلوم وهو أولى بالمراعاة وتقوية قلبه بالإعراض عن الظالم لأن ذلك أحب إلى الله، فأما إذا كنت أنت المظلوم فالأحسن في حقك العفو والصفح والاحتمال. والله أعلم.

وأما آية النحل. فقال- تعالى-: {أدع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن ... }.

فأمر سبحانه- وتعالى- نبيه - صلى الله عليه وسلم - أن يدعو إلى دين الله وشرعه بتلطف من القول.

وهو أن يسمع المدعو حكمة، وهو الكلام الصواب القريب الواقع من النفس أجمل موقع.

والحكمة: القرآن. قاله ابن عباس. وعنه الفقه. وقيل: الدليل الموضح للحق، المزيل للشبه وقيل. ما يمنع الفساد من آيات ربك المرغبة المرهبة.

والموعظة الحسنة. مواعظ القرآن، قاله ابن عباس. وعنه- ايضًا- الأدب الجميل الذي يعرفونه. وقيل: ان تختلط الرغبة بالرهبة، والإنذار بالبشارة. وقيل: هي التي لا تخفى عليهم انك مناصحهم بها، وتقصد ما ينفعهم فيها.

قوله: {وجادلهم بالتي هي أحسن} أي بالتي هي أحسن طرق المجادلة من الرفق واللين من غير فظاظة ولا تعنيف.

وروى أحمد- في كتاب الزهد- بسنده عن (الحسن البصري) أن هرم بن حيان لما احتضر. قيل له: أوصنا. فقال لهم: (أوصيكم بخواتيم سورة النحل {ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة ... } حتى ختم السورة).

<<  <   >  >>