للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال الله تعالى حكاية عن عبده ورسوله نوح: {وأنصح لكم وأعلم من الله ما لا تعلمون}، وعن نبيه هود- عليهما السلام-: { .. وأنا لكم ناصحٌ أمين} أي عرفت فيما بينكم بالنصح، فما حقي أن أتهم وأنا لكم ناصح فيما أدعوكم.

قال العلماء: النصح إخلاص النية من شوائب الفساد في المعاملة بخلاف الغش. يقال: نصحته ونصحت له نصيحة ونصاحة ونصحًا وهو باللام أفصح، لقوله: { .. وأنصح لكم .. } والاسم النصيحة والنصيح الناصح. وقوم نصحاء، ورجل ناصح أي خالص، وكل شيء خلص فقد نصح وانتصح فلان أي أقبل على النصيحة.

قال أبو سليمان الخطابي: النصيحة كلمة جامعة، ومعناها: حيازة الحظ للمنصوح له، وقيل: إنها مأخوذة من نصحت العسل إذا صفيته من الشمع. شبهوا تخليص القول من الغش بتخليص العسل.

وقيل: (مأخوذة من نصح الرجل ثوبه إذا خاطه، فشبهوا فعل الناصح- فيما يتحراه من صلاح المنصوح له- بما يسده من خلل الثوب، والله أعلم).

ولقد أكرم الله هذه الأمة بالصديقين خاصة، كما خص بني إسرائيل بالأنبياء عامة، فجعل المرسلين أهل الشرع، وجعل الأنبياء أهل الإنذار، وجعل الصديقين أهل النصيحة والبيان.

وفي الصحيحين، ومسند الإمام أحمد، وسنن أبي داود، والترمذي، والنسائي من حديث زياد بن علاقة. (قال: سمعت جرير بن عبد الله- رضي الله عنه- يقول يوم مات المغيرة بن شعبة. قام فحمد الله وأثنى عليه. وقال: عليكم باتقاء الله وحده لا شريك له، والوقار والسكينة حتى يأتيكم أمير، فإنما يأتيكم الآن. ثم قال: استعفوا لأميركم فإنه كان يحب العفو. ثم قال: أما بعد فإني أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: أبايعك على الإسلام فشرط

<<  <   >  >>