وقال عطاء: قال عمر بن الخطاب: أُستر من الحدود ما وراءك أي إدرءوها ما قدرتم.
ذكر الخرائطي.
وذكر -أيضًا- عن أبي الدرداء مرفوعًا «من أشاد على مسلم عورة يشينه بها أشانه الله بها يوم القيادة.
أشاد: أي رفع. أي ذكره بها وفوه به وشهره بالقبيح.
وقال (صاحب) سيرة أبي الفضل الوزير ابن هبيرة سمعته يقول لبعض من يأمر بالمعروف: اجتهد أن تستر العصاة فإن ظهور معاصيهم عيب في أهل الإسلام وأولى الأمور ستر العيوب.
وقال ابن حمدان -في الدعاية الكبرى-: (ومما للمسلم على المسلم أن يستر عورته، ويغفر ذلته، ويرحم غربته ويقيل عثرته ويقبل معذرته ويرد غربته ويديم نصيحته، ويحفظ خلته ويرعى ذمته ويجيب دعوته ويقبل هديته ويكافئ صلته ويشكر نعمته ويحسن نصرته ويقضي حاجته ويشمت عطسته ويرد ضالته ويواليه ولا يعاديه وينصره على ظالمه ويكفه عن ظلم غيره ولا يسلمه ولا يخذله ويحب له ما يحب لنفسه ويكره له ما يكره لنفسه.
قال أبو ذكريا النووي -رحمه الله- في شرح صحيح مسلم عند قوله صلى الله عليه وسلم: (ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة)، وأما الستر المندوب إليه هنا فالمراد به الستر على ذوي الهيئات ونحوهم ممن ليس معروفاً بالأذى والفساد. وأما المعروف بذلك فيستحب أن لا يستر عليه، بل ترفع قضيته إلى ولي الأمر، إن لم يخف من ذلك مفسدة لأن الستر على هذا يطمعه في الإيذاء والفساد وانتهاك المحرمات وجسارة غيره على مثل فعله. وهذا كله في ستر معصية وقعت وانقضت.
أما مسألة معصية يراه عليها وهو متلبس فتجب المبادرة بإنكارها عليه ومنعه منها على من قدر على ذلك ولا يحل تأخيرها. فإن عجز لزمه رفعها إلى ولي الأمر، إذا لم تترتب على ذلك مفسدة -كما تقدم. ثم قال: وأما الرواة والشهود والأمناء على الصدقات والأوقاف والأيتام ونحوهم فيجب جرحهم عند الحاجة ولا يحل الستر عليهم إذا رأى منهم مايقدح في أهليتهم. وليس هذا من الغيبة المحرمة، بل من النصيحة الواجبة. وهذا مجمع عليه.