الخروج فآذني. فكتب -عند خروجه (إليه): {حم تنزيل الكتاب من الله العزيز العليم غافر الذنب وقابل التَّوب شديد العقاب ذي الطوّل لا إله إلا هو إليه المصير}.
ثم عاتبه تحت ذلك وعزله، فلما قرأ الكتاب بكى. وقال صدق الله ونصح لي عمر فتاب ورجع.
ورواه أبو نعيم -الحافظ- في الحلية.
ورواه الخطيب أبو بكر البغدادي ولفظه: أن رجًلا كان ذا بأس وكان يوفد إليه عمر ليأتيه، وكان من أهل الشم، وأن عمر فقده. فسأل عنه. فقيل له: تتابع في هذا الشراب فدعا كاتبه. فقال: اكتب من عمر بن الخطاب إلى فلان سلام عليكم فإني أحمد إليك الله الذي لا إله إلا هو غافر (الذنب) قابل التوب شديد العقاب، ذو الطول لا إله إلا هو إليه المصير ثم دعا وأمن من عنده، ودعوا له أن يقبل على الله بقلبه وأن يتوب عليه. فلما أتت الصحيفة الرجل، جعل يقرؤها، ويقول غافر الذنب قد وعدني أن يغفر لي ذنبي، وقابل التوب قد وعدني أن يتوب علي، شديد العقاب قد حذرني عقابه، ذي الطول، والطول -الخير الكثير، إليه المصير. فلم يزل يرددها على نفسه، ثم بكى ثم نزع فأحسن النزع فلما بلغ عمر أمره. قال: هكذا فاصنعوا إذا رأيتم أخًا لكم زل زلة فسددوه، ووفقوه، وادعوا الله أن يتوب عليه، ولا تكونوا أعوانًا للشيطان عليه.
وروي عن أخوين من السلف انقلب أحدهما على الانشقاق فقيل لأخيه: ألا تقطعه وتهجره؟ فقال: أحوج ما كان إلي من هذا الوقت لما وقع في عسرته أن أخذ بيده وأتلطف له في المعاتبة وادعوا له بالعود إلى ما كان عليه.
وروي أن أخوين ابتلي أحدهما بهوى، فأظهر عليه أخاه وقال: إني اعتللت، فإن شئت أن لا تعقد على محبتي لله فافعل. فقال: ما كنت لأحل عقد أخوتك لأجل خطيئتك أبدًا، ثم عقد أخوه بينه وبين الله أن لا يأكل ولا يشرب حتى يعافي الله أخاه من هواه، فطوى أربعين يومًا، في كلها يسأله عن حاله؟ فكان يقول القلب مقيم على حاله. ومازال هو ينحل من الغم والجوع حتى زال الهوى عن قلب أخيه بعد الأربعين. فأخبره فأكل بعد ذلك وشرب.