ومن يتبع عثرة من صديقه يجدها ... فلم يسلم له الدهر صاحب
ولبعضهم:
إذا كنت في كل الأمور معاتبًا ... صديقك لم تلق الذي لا تعاتبه
فعش مفردًا أو صل أخاك فإنه ... مقارف ذنب مرة ومجانبه
إذا أنت لم تشرب مرارًا على القذى ... ظمئت وأي الناس تصفو مشاربه
وروي - في الإسرائيليات - أن اخوين عابدين كانا في جبل فنزل أحدهما ليشتري من المصر شيئًا يقيتهم فرأى بغيًا فرمقها وعشقها فواقعها، ثم أقام عندها ثلاثة أيام، واستحيا أن يرجع إلى أخيه، من جنايته، قال فافتقده أخوه واهتم بشأنه، فنزل إلى المصر، فلم يزل يسأل عنه، حتى دل عليه، فدخل إليه وهو جالس فاعتنقه وجعل يقبله ويلزمه، وأنكر (الآخر) أنه يعرفه، لفرط استحيائه منه فقال: قم يا أخي فقد علمت شأنك وقصتك وما كنت ق أحب إلي ولا أعز من ساعتك هذه، فلما رأى أن ذلك لم يسقطه من عينه قام وانصرف معه.
ونقل مثنى عن أحمد -رحمه الله- في أخوين يحيف أحدهما على أخيه هل تجوز قطيعته، أم يرفق به وينصح؟ قال: إذا أمره ونهاه فليس عليه أكثر من هذا.
وأنشدوا:
إذا ما حال عهد أخيك يومًا ... وحاد عن الطريق المستقيم
فلا تعجل بلومك واستدمه ... فخير الود ود المستقيم
إن تر زلة منه فسامح ... ولا تبعد عن الخلق الكريم
وقيل: من حق الإخاء أن يغفر الهفوة، ويستر الزلة. فمن رام بريئًا من الهفوات سليمًا من الزلات، ورام أمرًا معوذًا، واقترح وصفًا معجزًا، فأي عالم لا يسهوا؟ وأي أخ لا يلغو؟ وأي صارم لا ينبو وأي جواد لا يكبو؟
وأنشدوا:
ولا تقطع أخًا لك عند ذنب ... فإن الذنب يعفوه الكريم