للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قال العلماء الذين رزقوا نور البصيرة: إنما يبغض من أهل المعاصي الأفعال التي نهى الشرع عنها وذمها، لذلك قال الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم: {فإن عصوك فقل إني بريء ممَّا تعملون} وما يقل إني بريء منكم.

وقيل لبي الدرداء - رضي الله عنه- ألا تبغض فلانًا وفعل كذا وكذا؟ فقال: إنما أبغض عمله وإلا فهو أخي.

(ولا ينبغي في أن يبالغ في البغض عند القطيعة) قال الله -تعالى-: {عسى الله أن يجعل بينكم وبين الذين عاديتم منهم مَّودَّة}.

وكذلك ينبغي أن يتوقى الإفراط في المحبة، فإن ذلك يدعوا إلى التقصير، فلأن تكون الحالة بينهما نامية أولى من أن تكون متناهية.

وقد روى الترمذي، وأبو الشيخ بن حيان -في كتاب الأمثال- من حديث -أبي هريرة مرفوعًا: "أحببت حبيبك هونًا ما عسى أن يكون بغيضك يومًا ما، وأبغض بغيضك هونًا ما عسى أن يكون حبيبك يومًا ما".

وتوقف في رفعة بعض الرواة.

ورواه ابن خزيمة من حديث "علي".

وقال صالح ابن الإمام أحمد: سألت أبي عن حديث ابن عباس: "إياكم والغلو فإنما أهلك من كان قبله الغلو".

قال أبي: لا تغلوا في كل شيء حتى الحب والبغض.

وقال عمر بن الخطاب: لا يكون حبك كلفًا، ولا بغضك تلفًا.

وأنشدوا:

إذا ما عممت الناس بالأنس لم تزل ... لصاحب سوء مستفيدًا وكاسباً

<<  <   >  >>