للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بقوله: {يا بني أقم الصلاة وأمر بالمعروف وأنه عن المنكر واصبر على ما أصابك إن ذلك من عزم الأمور}

قال المفسرون: لما نهى لقمان ابنه عن الشرك، وأخبر - ثانياً- بعلم الله- تعالى وباهر قدرته، أمره يما يتوصل به إليه -سبحانه- من الطاعات: فبدأ باشرفهما وهو الصلاة حيث يتوجه إليه بها، ثم بالأم بالمعروف والنهي عن المنكر ثم بالصبر على ما يصيبه من المحن جميعها، وعلى ما يصيبه بسبب الأمر بالمعروف ممن يبعثه عليه، والنهي عن المنكر ثم بالصبر على ما يصيبه من المحن جميعها، وعلى ما يصيبه بسبب الأمر بالمعروف ممن يبعثه عليه، والنهي عن المنكر ممن ينكره عليه فكثيرًا مايؤذي فاعله.

وقال جمهور أهل التفسير: وهذه الآية تقتضي حضًا على تغيير المنكر وجوازه مع خوف القتل، وان المغير يؤدي أحيانًا وأن ما تقدم من الطاعات- في هذه الآية- كان مامورًا به في سائر الملل.

قوله: "إن ذلك من عزم الأمور" قال مقاتل: إن ذلك الصبر على الأذى فيهما من حق الأمور التي أمر الله بها. وقيل معناه: إن ذلك من معزوم الأمور وقيل: (من مكارم الأخلاق، وعزائم أهل الخير السالكين طريق النجاة) والعزم ضبط الأمر ومراعاة إصلاحه.

وفي الآية دليل على وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، والصبر على المكروه لا ينبغي أن يمنع من الأمر بالمعروف والنهي عن المنكرر إلا أن يخاف مكروهًا لا يطاق- قاله الواحدي.

فالصبر على مايصاب به الآمر بالمعروف الناهي عن المنكر من أجل المقاماة، وأحسن طرقة العبادات، وهو عبارة عن ثبات باعث الدين في مقاومة باعث الشهوة، وهذه المقاومة من خاصية الآدميين، فإن ثبت حتى قهره واستمر على مخالفة الشهوة فقد نصر حزب الله والتحق بالصابرين، وإن تخاذل وضعف حتى غلبت الشهوة ولم يصبر في دفعها التحق بأتباع الشياطين فالجود بالصبر والاحتمال والإغضاء من أعلى مراتب الجود وأشرفها، وهي أنفع لصاحبها من الجود بالمال واعزل له وأنصر، وأملك لنفسه، وأشرف لها ولا يقدر عليها إلا النفوس الشريفة، فمن صعب عليه الجود بما له فعليه بهذا الجود، فإنه ثمرة عواقبه الحميدة في الدنيا قبل الآخرة، وهذا جود الفتوة. قال تعالى: {والجروح قصاص}

<<  <   >  >>