للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقال عيسى -عليه السلام-: (من علم وعمل وعلم فذلك يدعى عظيمًا في ملكوت السماوات).

ورواه الترمذي -في جامعه- بسنده، عن الفضيل بن عياض وقال يحيى بن معاذ: مثل الواعظ الحكيم، مثل الصياد يصيد العباد من أفواه الشياطين. فالدنيا بحره، والحكمة شبكته، وقلوب الناس صيده فلو لم يصد في عمره إلا واحدًا لكان قد حصل له خير كثير.

وسأل سليمان بن عبد الملك، أبا حازم. فقال: من أكيس الناس؟ قال رجل ظفر بطاعة الله فعمل بها، ثم دل الناس عليها.

والقوي الكامل من أوصل النفع للسالكين والهداية للحائرين وكمل به الناقص، ورجع به الناكص. وقوى به المضعوف، واستعان به الملهوف. فهذا من خلفاء الرسل حقًا والداعي إلى الله صدقًا.

وقد رجح كثير من العلماء -رضي الله عنهم- حق المعلم على حق الوالد. وقالوا في الوالد: إنه إنما أوجد نطفة يأكلها الدود غدًا، والمعلم سبب بقاء الروح في النعيم المقيم بالعلم الذي ألقي إليها.

وقد جاء في قراءة "عائشة الشاذة": النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وهو أب لهم وأزواجه أمهاتهم وأنشد:

من علم الناس فهو خير أب ... ذاك أبو الروح لا أبو النطف

ومن حقوق الإخوة في الدين: التعليم والنصيحة، فليس حاجة أخيك إلى العلم بأقل من حاجته إلى المال فإن كنت غنيًا بالعلم فعليك مواساته من فضلك، وإرشاده إلى كل ما ينفعه في الدين والدنيا وذلك من مراتب الجود، بل الود بالعلم أفضل من الجود بالمال، لأن العلم أشرف من المال. فمن الجود أن تبذله لمن يسألك عنه بل تطرحه عليه طرحًا. فإن علمته وأرشدته فلك يعمل بمقتضى العلم فعليك نصحه.

وأما الأولاد والأهلون فحقوقهم أعظم وتعليمهم آكد، قال قتادة في قوله -تعالى-: {يا أيها الذين آمنوا قو أنفسكم وأهليكم نارًا}. (تأمرهم بطاعة الله، وتنهاهم عن معصية الله، وأن تقوم عليهم بأمر الله تأمرهم به وتساعدهم عليه).

<<  <   >  >>