للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الحَسَنُ: واختلفوا في حد الحسن لأنه كما قال الشيخ ابن الصلاح: لما كان وسطاً بين الصحيح والضعيف في نظر الناظر لا في نفس الأمر، عسر التعبير عنه وضبطه على كثير من أهل هذه الصناعة، وذلك لأنه أمر نِسْبِيٌّ، شيء ينقدح عند الحافظ ربما تقصر عنه عبارته، ثم اختار التعبير عنه بقوله: «الحَدِيثُ الحَسَنُ قِسْمَانِ: (أَحَدُهُمَا) الحَدِيثُ الذِي لاَ يَخْلُو رِجَالُ إِسْنَادِهِ مِنْ مَسْتُورٍ لَمْ تَتَحَقَّقْ أَهْلِيَّتُهُ غَيْرَ أَنَّهُ لَيْسَ مُغَفَّلاً كَثِيرَ الخَطَأِ، وَلاَ هُوَ مُتَّهَمٌ بِالكَذِبِ، وَيَكُونُ مَتْنُ الحَدِيثِ قَدْ رُوِيَ مِثْلُهُ أَوْ نَحْوُهُ مِنْ وَجْهٍ آَخَرَ، (الثَّانِي) أَنْ يَكُونَ رَاوِيهِ مِنَ المَشْهُورِينَ بِالصِّدْقِ وَالأَمَانَةِ وَلَمْ يَبْلُغْ دَرَجَةَ رِجَالِ الصَّحِيحِ فِي الحِفْظِ وَالإِتْقَانِ وَلاَ يُعَدُّ مَا يَنْفَرِدُ بِهِ مُنْكَرًا وَلاَ يَكُونُ المَتْنُ شَاذًّا ولا مُعَلَّلاً» (١).

هذا ولم يكن قدماء المُحَدِّثِينَ في القرن الأول والثاني قد اصطلحوا على تسمية قسم من الأحاديث بهذا الاسم (الحسن) وإنما حدث بعد ذلك في عصر أحمد والبخاري، ثم اشتهر بعد ذلك.

الضَّعِيفُ: وهو القسم الثالث من أنواع الحديث عندهم، وهو ما لم تجتمع فيه صفات الصحيح ولا صفات الحسن، وقد سموه باعتبار منشأ الضعيف فيه إما في سنده، أو في متنه.

فمن أنواعه (المُرْسَلُ) وهو ما رفعه التابعي إلى النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - من غير ذكر الصحابي. وفي حُجِيَّتِهِ خلاف بين الفقهاء، أما المُحَدِّثُونَ فقد اتفقت آراؤهم على ألاَّ يعمل به، قال الإمام مسلم في " مقدمة صحيحه ": «وَالْمُرْسَلُ [مِنَ الرِّوَايَاتِ] فِي أَصْلِ قَوْلِنَا، وَقَوْلِ أَهْلِ الْعِلْمِ بِالأَخْبَارِ لَيْسَ بِحُجَّةٍ» وقال الشيخ الحافظ أبو عمرو بن الصلاح: «وَمَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ سُقُوطِ الاحْتِجَاجِ بِالمُرْسَلِ وَالحُكْمِ بِضَعْفِهِ، هُوَ الذِي اسْتَقَرَّ عَلَيْهِ آرَاءُ جَمَاعَةِ حُفَّاظِ الحَدِيثِ وَنُقَّادِ الأَثَرِ وَتَدَاوَلُوُهُ فِي تَصَانِيفِهِمْ» وَلاَ شَكَّ أَنَّ هذا مبلغ الاحتياط في دين اللهِ وحفظ سُنَّةِ رَسُولِهِ، فإنهم مع اتِّفَاقِهِمْ


(١) " اختصار علوم الحديث ": ص ٢٨.