للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

الكثرة حداً مزعجاً. حتى قال الخليلي في " الإرشاد ": «وَضَعَتْ الرَّافِضَةُ فِي فَضَائِلِ عَلِيٍّ وَأَهْلِ بَيْتِهِ نَحْوِ ثَلاَثِمِائَةِ أَلْفِ حَدِيثٍ» ومع ما في قوله من المبالغة فإنه دليل على كثرة ما وضعوا من الأحاديث. ويكاد المسلم يقف مَذْهُولاً من هذه الجرأة البالغة على رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، لولا أن يعلم هؤلاء الرَّافِضَةِ أكثرهم من الفرس الذين تَسَتَّرُوا بالتشيع لينقضوا عُرَى الإسلام، أو مِمَّنْ أسلموا ولم يستطيعوا أن يَتَخَلَّوْا عن كل آثار ديانتهم القديمة، فانتقلوا إلى الإسلام بعقلية وثنية لا يَهُمُّهَا أن تكذب على صاحب الرسالة، لِتُؤَيِّدَ حُباً ثَاوِيًا في أعماق أفئدتها، وهكذا يصنع الجُهًّالُ والأطفال حين يحبون وحين يكرهون.

وقد ضارعهم الجهلة من أَهْلِ السُنَّةِ، فقابلوا - مع الأسف - الكذب بكذب مثله وإن كان أقل منه دائرة وأضيق نطاقاً، ومن ذلك «مَا فِي الجَنَّةِ شَجَرَةٌ إِلاَّ مَكْتُوبٌ عَلَى وَرَقَةٍ مِنْهَا لاَ إِلَهَ إلاَّ اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ أَبُو بَكْرٌ عُمَرُ الفَارُوقِ عُثْمَانُ ذُو النُّورَيْنِ».

وكذلك قابلهم المُتَعَصِّبُونَ لمعاوية وَالأُمَوِيِّينَ فوضعوا أحاديث مثل قولهم: «الأُمَنَاءُ ثَلاَثَةٌ، أَنَا وَجِبْرِيلُ، وَمُعَاوِيَةَ» «أَنْتَ مِنِّي يَا مُعَاوِيَةُ وَأَنَا مِنْكَ» «لاَ أَفْتَقِدُ فَيِ الجَنَّةِ إِلاَّ مُعَاوِيَةُ فَيَأْتِي آَنِفًا بَعْدَ وَقْتٍ طَوِيلٍ، فَأَقُولُ: مِنْ أَيْنَ يَا مُعَاوِيَةُ؟ فَيَقُولُ: مِنْ عِنْدِ رَبِّي يُنَاجِيِنِيٍ وَأُنَاجِيَهِ، فَيَقُولُ: هَذَا بِمَا نِيلَ مِنْ عِرْضِكَ فِي الدُّنْيَا».

وكذلك فعل المؤيدون للعباسيين فوضعوا إزاء حديث وصاية عَلِيٍّ المكذوب وصاية العباس ونسبوا إلى النَّبِيِّ قوله: «العَبَّاسُ وَصِيِّي وَوَارِثِي» ولعل ما يبين مدى الكذب لدى هذه الفئة الحديث المكذوب التالي أَنَّ النَّبِيَّ قَالَ لِلْعَبَّاسِ: «إِذَا كَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلاَثِيَنَ وَمِائَةٍ فَهِيَ لَكَ وَلِوَلَدِكَ، السَفَّاحُ وَالمَنْصُورُ وَالمَهْدِيُّ».

هَلْ كَانَ الخَوَارِجُ يَكْذِبُونَ فِي الحَدِيثِ؟:

وقد ذكر العلماء هنا بأن أقل الفرق الإسلامية كذباً هي فرقة الخوارج الذين خرجوا على عَلِيٍّ بعد قبوله التحكيم، ويرجع قلة كذبهم إلى أنهم يرون كُفْرَ مرتكب