تَزَيَّدَتْ ووضعت الأحاديث في فضل أهل البيت، ثم يفعلون هم مثل ذلك الفعل فيضعون الأحاديث لهذا الغرض نفسه؟
ولقد كان الأَوْلَى، إذا كانوا على استعداد لوضع الأحاديث في ذلك ألاَّ يقاوموا حركة الشِّيعَةِ، وأنْ يسيروا معهم في طريق واحد، فلماذا لم يفعلوا؟ ومن الغريب أنهم في الوقت الذي يعترف فيه عالم شِيعِيٌّ كابن أبي الحديد، بِأَنَّ الشِّيعَةَ هم أول من كذبوا في الحديث وزادوا في فضائل أهل البيت (١)، يأتي جولدتسيهر فيلصق بِأَهْلِ السُنَّةِ أو (العلماء الأتقياء من علماء المدينة على رأيه) بأنهم هم أول من فعل ذلك، أليس هذا إمعاناً في تحريف حقائق التاريخ إلى حَدٍّ لا يصل إليه إلاَّ باغ أثيم؟.
ثم قال:«ولم يقتصر الأمر على هؤلاء، فإنَّ الحكومة نفسها لم تقف ساكنة إزاء ذلك، فإذا أرادت أَنْ تُعَمِّمَ رَأْياً، أو تمسك هؤلاء الأتقياء، تَذَرَّعَتْ أيضاًً بالحديث المُوَافِقِ لِوِجْهَاتِ نظرها، فكانت تعمل ما يعمله خصومها، فتضع الحديث أو تدعو إلى وضعه».
وهذه دعوى جديدة لا وجود لها إلاَّ في خيال كاتبها، فما روى لنا التاريخ أنَّ (الحكومة الأموية) وضعت الأحاديث لِتُعَمِّمَ بها رأياً من آرائها، ونحن نسأله أين هي تلك الأحاديث التي وضعتها الحكومة؟ إنَّ علماءنا اعتادوا ألاَّ ينقلوا حَدِيثًا إلاَّ بسنده، وها هي أسانيد الأحاديث الصحيحة محفوظة في كُتُبِ السُنَّة، ولا نجد في حديث واحد من آلاَفِهَا الكثيرة، في سَنَدِهِ عبد الملك أو يزيد أو الوليد أو أحد عُمَّالِهِمْ كَالحَجَّاجِ وخالد بن عبد الله القسري وأمثالهم، فأين ضاع ذلك في زوايا التاريخ لو كان له وجود؟ وإذا كانت الحكومة الأُمَوِيَّةُ لم تضع، بل دعت إلى الوضع، فما الدليل على ذلك؟.
٦ - أَسْبَابُ الاِخْتِلاَفِ فِي الحَدِيثِ:
يقول جولدتسيهر:«إنه لا توجد مسألة خلافية سياسية أو اعتقادية إلاَّ وَلَهَا اعتماد على جُمْلَةٍ من الأحاديث ذات الإسناد القوي»!