للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

ثالثاً - إنه لم يكن يقتصر على ما سمع من الرسول، بل كان يُحَدِّث عنه بما سمعه من غيره.

رابعاً - إن بعض الصحابة أكثروا من نقده، وَشَكُّوا في صِدْقِهِ.

خامساً - إن الحَنَفِيَّة يتركون حديثه إذا عارض القياس ويقولون عنه: إنه غيرفقيه.

سادساً - إن الوُضَّاعَ انتهزوا فرصة إكثاره، فَزَوَّرُوا عليه أحاديث لا تُعَدُّ.

وسترى ما في هذه المسائل من أخطاء وتحريفات ومغالطات، وسترى كيف يتمزق ستر هذه المؤامرة العلمية على رجل جليل كأبي هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -.

١ - رَدُّ بَعْضَ الصَّحَابَةِ عَلَى أَبِي هُرَيْرَةَ:

تعرض المؤلف لأبي هريرة عند الكلام على موقف الصحابة بعضهم من بعض، فقال (١):

«فقد رُوِيَ أن أبا هريرة روى حديث: «مَنْ حَمَلَ جِنَازَةً فَلْيَتَوَضَّأْ». فلم يأخذ ابن عباس بخبره وقال: «لاَ يَلْزَمُنَا الوُضُوءُ مِنْ حَمْلِ عِيدَانٍ يَابِسَةٍ»، وكذلك روي أنه حَدَّثَ بحديث جاء في " الصَحِيحَيْنِ " وهو: «مَتَى اسْتَيْقَظَ أَحَدُكُمْ مِنْ نَوْمِهِ فَلْيَغْسِلْ يَدَهُ قَبْلَ أَنْ يَضَعَهَا فِي الإِنَاءِ، فَإِنَّ أَحَدَكُمْ لا يَدْرِي أَيْنَ بَاتَتْ يَدُهُ». فلم تأخذ به عائشة وقالت: «كَيْفَ نَصْنَعُ بِالْمِهْرَاسِ؟» (وهو حجر ضخم منقور يملأ ويتوضأ منه)». وأشار في ذيل الصحيفة إلى أن هذه النقول عن شرح " مسلم الثبوت ": ٢/ ١٧٨.

يذكر المؤلف هاتين الواقعتين دليلاً على أن الصحابة كان يضع بعضهم بعضاً موضع النقد، وينزلون بعضهم منزلة أسمى من بعض وقد بَيَّنْتُ فيما سبق أن كل ما كان من الصحابة من رَدِّ بعضهم على بعض، إنما هو نقاش علمي محض، مبني على اختلاف أنظارهم وتفاوت مراتبهم في الاستنباط والاجتهاد، أو على


(١) ص ٢٦٥.