إن بُسْر بن سعيد صاحب هذا الخبر يتحدث عن قوم كانوا يستمعون إلى أبي هريرة فيخلطون بين حديثه عن الرسول وحديثه عن كعب، فالذي كان ينسب حديث كعب إلى الرسول هُمْ بعض الذين كانوا يستمعون إلى أبي هريرة، لا أبو هريرة نفسه ـ ولكن شيخ التحقيق العلمي الذي لم ينسج أحد من قبل على منواله! .. ذكره دليلاً على كذب أبي هريرة فيما يرويه عن رسول الله وأنه كان يسمع من كعب ثم ينسب ذلك إلى الرسول، أترى هذا قلة فهم؟ أم قلة دين وقلة حياء من الله ومن التاريخ ومن قرائه الأذكياء؟
ومن مغالطات أَبِي رَيَّةَ في هذا الموضوع ما نقله من " صحيح مسلم " عن أبي هريرة حَدِيثًا مرفوعا إلى النَّبِيّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في خلق الأرض والسماوات ويقول أبو هريرة في أوله: «أَخَذَ رَسُولُ اللهِ [صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ] بِيَدِي، ثم ينقل عن " البخاري" و" ابن كثير " أن أبا هريرة تلقى هذا الحديث عن كعب. وهنا يظن أَبُو رَيَّةَ أنه أمسك بشيء وأنه أوقع جمهور المُسْلِمِينَ، الذين يثقون بأبي هريرة في ورطة ما بعدها ورطة، ولو كان على شيء من العلم والفهم للنصوص لعلم أن البخاري وابن كثير لا يريدان الحُكْمَ على أبي هريرة بالكذب ونسبته حديث كعب إلى رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فما كانا لِيَجْرَآ على الله وحاشاهما أن تبلغ بهما قلة الدين إلى هذا المنحدر الذي وصل إليه أَبُو رَيَّةَ وقد أسمعناك فيما مضى ثناء كل منهما على أبي هريرة واعترافهما له بالصدق والورع والأمانة في العلم والدين - ولكنهما حُكْمًا على الرواية التي أوردها " مسلم " في " صحيحه " بالخطأ في نسبة رفع هذا الحديث إلى رسول الله عن أبي هريرة والخطأ ناشئ من رُوَاةِ الحديث ولا دخل لأبي هريرة فيه، وبذلك تنطق عبارة البخاري في "تاريخه " وابن كثير في " تفسيره "، وقد أفاض في هذا الموضوع العلامة المعلَّمي اليماني في كتابه " الأنوار الكاشفة "(١) بما يشرح صدور المُحَقِّقِينَ ولا يزيد الحانقين - كأَبِي رَيَّةَ - إلا غيظاً وكمداً.
عَاشِرًا: تَشَيُّعُهُ لِبَنِي أُمَيَّةَ:
جمع أَبُو رَيَّةَ في هذا الموضوع كل شتائم كتب الشيعة في أبي هريرة، وظن