والثاني كتاب " الاستذكار في شرح مذاهب علماء الأمصار ". وَمِمَّنْ شرحه أيضاًً الحافظ أبو بكر محمد بن العربي (- ٥٤٣ هـ) والجلال السيوطي (- ٩١١ هـ) والزُّرقاني، المالكي (- ١١٢٢ هـ) وَالدَّهْلَوِي (- ١١٨٠ هـ) والشيخ علي القاري المكي (- ١٠١٤ هـ) واللَّكْنَوِي (- ١٣٠٤ هـ) في كتابه " التعليق المُمَجَّدْ على موطأ الإمام محمد ".
وقد اختصر " المُوَطَّأ " كثيرون، منهم أبو سليمان الخطابي (- ٣٨٨ هـ) وابن عبد البر (- ٤٦٣ هـ) وابن رشيق القيرواني (- ٤٦٣ هـ).
كما ألفت في شرح غريبه وفي شواهده ورجاله واختلافاته مؤلفات كثيرة تدل على عناية علماء الأُمَّةِ بهذا الكتاب الجليل.
لم يختلف العلماء منذ أَلَّفَ مالك " مُوَطَّأَهُ " حتى عصرنا على أن " المُوَطَّأ " أقدم مؤلف في الحديث وصل إلينا من مؤلفات السلف في القرن الثاني، وكانت عنايتهم به بالغة كما رأيت، وإذا ذكروا كتب الحديث، ذكروها معها، واختلفوا في مرتبته بينها كما رأيت.
حتى إذا كان هذا العصر الذي استطال المُسْتَشْرِقُونَ على تاريخنا وعلمائنا وصحابة رسولنا - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما رأيت من صنيعهم في بحث السُنّةِ، رأينا من يقول لنا من المُسْلِمِينَ: إن " مُوَطَّأَ " مالك هو كتاب فِقْهٍ وليس كتاب حديث، ذلك هو الدكتور «علي حسن عبد القادر» في كتابه " نظرة عامة في تاريخ الفقه الإسلامي ".
شُبْهَةُ القَوْلِ بِأَنَّهُ كِتَابُ فِقْهٍ:
يَدَّعِي الدكتور في كتابه المذكور (١) أن " المُوَطَّأ " - إذا استثنينا " المجموع لزيد " - يُعَدُّ أول كتاب فقهي وصل إلينا في الإسلام، وأنه لا يمكن أن يعتبر أول كتاب كبير في الحديث، رغم ما له ولمؤلفه الإمام مالك من مكانة في الإسلام، لأنه لم يعتبر في الأصل كتاباً في الحديث، ولم يتخذ مكاناً بجانب " الكتب الستة " - باستثناء