المُوَافِقُ لِوِجْهَاتِ نظرهم، فالمسألة كانت في إيجاد هؤلاء الذين تنسب إليهم، وقد استغل هؤلاء الأُمَوِيُّونَ أمثال الإمام الزُّهْرِيِّ بدهائهم في سبيل وضع الأحاديث ... إلخ».
وهنا نجد من حقنا وواجبنا أنْ نزيح الستار عن مؤامرة هذا اليهودي المستشرق على أكبر إمام مِنْ أَئِمَّةِ السُنَّةِ في عصره، بل على أول مَنْ دَوَّنَ السُنَّةَ من التَّابِعِينَ، لنرى ما فيها من خُبْثٍ وَلُؤْمٍ وَدَسٍّ وَتَحْرِيفٍ، وإنها لَخِطَّةٌ مُبَيَّتَةٍ من هذا المستشرق أنْ يهاجم أركان السُنَّةِ واحداً بعد آخر، فلقد هاجم أكبر صحابي روى الحديث عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهو أبو هريرة - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، وسترى كيف ناقشنا هذه الاتِّهَامَاتِ التي أوردها الأستاذ أحمد أمين في " فجر الإسلام "، وتابع فيها المستشرقَ احتساباً لغير وجه الله تعالى، حتى إذا فرغ من تهديم أبي هريرة على زعمه، جاء هنا ليهدم ركن السُنَّةِ فِي عَصْرِ التَّابِعِينَ، حتى إذا تَمَّ له انهارت السُنَّةُ بعد أنْ وَجَّهَ إليها المعاول من ناحيتين، ناحية رُوَّاتِهَا وَأَئِمَّتِهَا، وناحية الشك بها جملة، كما ترى صنيعه هنا، ولكن الله غالب على أمره، وَلاَ بُدَّ للحق من هزيمة الباطل مهما أوى الباطل إلى ظل ظليل وَرُكْنٍ مَتِينٍ.
وقبل أنْ أبدأ بِدَرْءِ الاِتِّهَامَاتِ التِي وَجَّهَهَا هذا المستشرق إلى الإمام الزُّهْرِي أفعل كما فعلتُ في موقف أبي هريرة إذ أعرض صفحته التي عرف بها في تاريخنا. وآراء علمائنا فيه، ومكانته الحقيقية في التاريخ، لتكون عند المقايسة فَيْصَلاً حَاسِماً فيما يسوقه هذا المستشرق إليه مِنْ تُهَمٍ وَافْتِرَاءَاتٍ.
اسْمُهُ وَوِلاَدَتُهُ وَتَارِيخُ حَيَاتِهِ:
هو أبو بكر محمد بن مُسْلِمٍ بن عُبيد الله بن عبد الله بن شِهَابٍ بن عبد الله
(١) أخذنا تاريخ الزُّهْرِيَّ من مصادر مختلفة أكثرها مخطوط في خزائن الكتب العامة من أشهرها: " تاريخ ابن عساكر " و" الجرح والتعديل " لابن أبي حاتم، و" تاريخ الإسلام " للذهبي، و" طبقات المُحَدِّثِين " للسيوطي، هذا عدا عن " تذكرة الحفاظ " للذهبي، و" التهذيب " لابن حجر، و" تهذيب الأسماء واللغات " للنووي وغيرها.