للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

وَسُئِلَ الإِمَامُ أَحْمَدُ عَنِ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَى أَنَّ السُّنَّةَ قَاضِيَةٌ عَلَى الْكِتَابِ، فَقَالَ: «مَا أَجْسُرُ عَلَى هَذَا أَنْ أَقُولَهُ، وَلَكِنِّي أَقُولُ: إِنَّ السُنَّةَ تُفَسِّرُ الْكِتَابَ وَتُبَيِّنُهُ» (١).

الطَّرِيقَةُ الثَّالِثَةُ: وهي النظر إلى المعاني الكلية التي يقصدها التشريع القرآني في مختلف نصوصه، وأن ما في السُنَّةِ من أحكام لا يعدو هذه المقاصد والمعاني.

وتفصيل ذلك أن القرآن جاء بتحقيق السعادة للناس في حياتهم الدنيا والأخرى، وجماح السعادة في ثلاثة أشياء:

١ - الضروريات: وهي حفظ الدين والنفس والنسل والمال والعقل.

٢ - الحاجيات: وهي كل ما يُؤَدِّي إلى التوسعة ورفع الضيق والحرج كإباحة الفطر في السفر أو المرض.

٣ - التحسينيات: وهي ما يتعلق بمكارم الأخلاق ومحاسن العادات.

هذه الأمور الثلاثة ومكملاتها قد جاء بها القرآن الكريم أصولاً يندرج تحتها كل ما في القرآن من أحكام، وقد جاءت بها السُنَّةُ تفريعاً عن الكتاب وتفصيلاً لما ورد فيه منها (٢). فجميع نصوص السُنَّة ترجع بالتحليل إلى هذه الأصول الثلاثة.

الطَّرِيقَةُ الرَّابِعَةُ: أن القرآن قد ينص على حُكْمَيْنِ مُتَقَابِلَيْنِ ويكون هنالك ما فيه شبه بكل واحد منهما، فتأتي السُنَّةُ وتلحقه بأحدهما أو تعطيه حُكْمًا خَاصًّاً يناسب الشبهين، وقد ينص القرآن على حكم بشيء لِعِلَّةٍ فيه فيلحق به الرسول - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - ما وجدت فيه العلة، عن طريق القياس.


(١) المصدر السابق في " جامع بيان العلم "، وفي" الموافقات ": ٤/ ٢٦ نقلاً عن ابن عبد البر في "جامع بيان العلم ".
(٢) انظر تفصيل ذلك في " الموافقات ": ٤/ ٢٧ - ٣٢.