إسلامه إلا قصة من قصص التشرد التي تحمل الجائع على التنقل من بلد إلى بلد ليملأ بطنه! ولم ير في صحبته لرسول الله إلا ذلك الرجل المتسول الذي هَمُّهُ في الحياة أن يسد جوعه ويشبع نهمته! هل يرضى أَبُو رَيَّةَ هذه الصورة لنفسه؟ أم هل يرضاها لولده؟ أم هل يرضاها لأحد أصدقائه؟ فكيف ارتضاها لصحابي من صحابة رسول الله مهما كان رأي أَبِي رَيَّةَ فيه، فلا شك أن جمهور علماء الإسلام منذ عصر التَّابِعِينَ حتى اليوم يرونه المثل الكريم لحامل أمانة العلم عن رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -.
كَرَّرَ «أَبُو رَيَّةَ» القول عن فقر أبي هريرة وأنه لفقره اتَّخَذَ سبيله إلى الصُفَّة، فكان أشهر مَنْ أَمَّهَا ثم صار عَرِيفًا لمن كانوا يسكنونها (١).
١ - ولعمري إن أَبَا رَيَّةَ لا يخجل من الله ولا من الناس، فلا الفقر وسكنى الصُفَّة عيباً ومهانةً عند الله ورسوله، ولا هو عيباً ومهانة عند ذوي النفوس الكريمة التي نبتت في ظلال المكرمات من الأعمال والصفات، وإنما يكون عيباً عند أَخِسَّاءِ النفوس الذين لا يرون العزة ولا الكرامة إلا في المال والوجاهة.
ويكفينا في الرد على أَبِي رَيَّةَ ما تَحَدَّثَ به القراَنُ عن طبقة الأغنياء المترفين وفجورهم ومحاربتهم لدعوات الرسل وحملة الإصلاح!.
٢ - ويقول:«إنه كان صريحاً صادقاً في الإبانة عن سبب صحبته للنبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، كما كان صريحاً صادقاً في الكشف عن حقيقة نشأته»(وهو أنه نشأ يتيماً كأن اليُتْمَ عيب عند أَبِي رَيَّةَ فواعجباً للذين لا يستحون) فلم يقل: إنه صَاحَبَهُ للمحبة والهداية، كما كان يصاحبه غيره من سائر المُسْلِمِينَ، وإنما قال:
«إنه صاحبه على ملء بطنه»، (ونقل في الهامش عن ابن هشام أن " على " تأتي للتعليل).
هذا كلام لا يقوله إلا موتور! ولا يفهم معنى كلام أبي هويرة على هذا إلا من في عقله خلل، أو في صدره دغل، وإلا فكيف يسوغ لعاقل أن يفهم أن أبا