هو أبو عبد الله محمد بن إدريس بن العباس بن شافع ينتهي نسبه إلى قُصَيٍّ ويلتقي نسبه مع النَّبِيِّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في عبد مناف، ولد - رَحِمَهُ اللهُ - بِغَزَّةَ من أعمال الشام سنة ١٥٠ هـ، وحملته أمه إلى مكة وهو ابن سنتين وبها نشأ وقرأ القرآن الكريم، وأقام في هُذَيْلٍ نحواً من عشر سنين تعلم منهم اللغة والشعر حتى كان من أوثق الناس بأشعار الهذليين، وقد روي أن الأصمعي صَحَّحَ عليه أشعارهم، وأخذ الفقه عن مسلم بن خالد الزنجي مفتي مكة ثم رحل إلى المدينة وتتلمذ على مالك فقرأ عليه " المُوَطَّأ " كله، ورأى فيه مالك من الذكاء وقوة الذاكرة والنباهة المبكرة ما جعله يكرمه ويصله، ثم تولى الشافعي العمل في إحدى ولايات اليمن، وهناك وُشِيَ به إلى الرشيد فَأُحْضِرَ إلى بغداد مُتَّهَمًا بِالتَشَيُّعِ والدعوة لآل البيت، وكان ذلك سَنَةَ ١٨٤ هـ فتدخل محمد بن الحسن عند الرشيد حتى اقتنع ببراءته، وهناك تم له الاتصال بالإمام محمد وأخذ عنه كُتُبَ أصحابه، حتى قال:«خَرَجْتُ مِنْ بَغْدَادَ وَقَدْ حَمَلْتُ مِنْ عِلْمِ مُحَمَّدٍ بْنِ الحَسَنِ وَقْرَ بَعِيرٍ» ثم عاد إلى مكة، وما زال ينتقل بين العراق والحجاز حتى أقام في مصر سَنَةَ ١٩٩ هـ، وبها دَوَّنَ مذهبه الجديد إلى أن توفي عام ٢٠٤ هـ، بعد أن ملأ الدنيا علماً وَاجْتِهَادًا، وبعد أن جمع حوله أفذاذ طلاب العلم في مصر والعراق، وبعد أن ملأ القلوب بحبه وإجلاله والاعتراف بإمامته لما كان يتمتع به - رَحِمَهُ اللهُ - من علم غزير ومنطق فحل وذكاء عجيب وذهن نافذ إلى لب الحقائق، وإحاطة واسعة بكتاب الله وَسُنَّةِ رسوله، وعلوم اللغة وادابها.
دَوْرُُهُ فِي الدِّفَاعِ عَنْ السُنَّةِ:
وللشافعي - عدا مكانته الفقهية - مكانة ممتازة عند أهل الحديث، فهو الذي وضع قواعد الرواية، ودافع عَنْ السُنَّةِ دفاعاً مجيداً، وأعلن رأيه الذي يخالف فيه مالكاً وأبا حنيفة: هو أن الحديث متى صَحَّ بالسند المتصل إلى