للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

٨ - الإِمَامُ أَبُو دَاوُدُ وَ " سُنَنُهُ ":

٢٠٢ - ٢٧٥ هـ

هو سليمان بن الأشعث بن إسحاق الأسدي السجستاني، ولد سَنَةَ ٢٠٢، ورحل في طلب العلم إلى العراق والشام ومصر وخراسان، وكتب عن شيوخها كما أخذ عن مشايخ البخاري ومسلم كالإمام أحمد وابن أبي شيبة وقتيبة بن سعيد وغيرهم وأخذ عنه النسائي وغيره، أثنى عليه العلماء بالحفظ والعلم والفهم مع الورع والدين، قال فيه الحاكم أبو عبد الله: «كَانَ أَبُو دَاوُدُ إِمَامَ أَهْلِ الحَدِيثِ فِي عَصْرِهِ بِلاَ مُدَافَعَةٍ» توفي بالبصرة سَنَةَ ٢٧٥ - رَحِمَهُ اللهُ -، انتقى " سُنَنَهُ " من خمسمائة ألف حديث، فبلغت أربعة آلاف وثمانمائة حديث، وقصرها على أحاديث الأحكام وبذلك كان أول من أَلَّفَ في الأحكام من أصحاب السُنن والصحاح، وَ" سُنَنُهُ " جامعة للاحاديث التي استدل بها فقهاء الأمصار وَبَنَوْا عليها الأحكام، ولذلك قال الإمام أبو سليمان الخَطَّابِي في " معالم السُنن " (١): «اعْلَمُوا رَحِمَكُمْ اللهُ أَنَّ كِتَابَ " السُّنَنِ " لأَبِي دَاوُدَ كِتَابٌ شَرِيفٌ لَمْ يُصَنَّفْ فِي عِلْمِ الدِّينِ كِتَابٌ مِثْلُهُ، وَقَدْ رُزِقَ القَبُولَ مِنْ كَافَةِ النَّاسِ فَصَارَ حُكْمًا بَيْنَ فِرَقِ العُلَمَاءِ وَطَبَقَاتِ الفُقَهَاءِ عَلَى اخْتِلاَفِ مَذَاهِبِهِمْ، فَلِكُلٍّ فِيهِ وِرْدٌ، وَمِنْهُ شِرْبٌ، وَعَلَيْهِ مُعَوَّلُ أَهْلِ العِرَاقِ وَأَهْلِ مِصْرَ وَبِلاَدِ المَغْرِبِ وَكَثِيرٌ مِنْ أَقْطَارِ الأَرْضِ فَأَمَّا أَهْلُ خُرَاسَانَ فَقَدْ أُولِعَ أَكْثَرُهُمْ بِكِتَابِ مُحَمَّدٍ بْنِ إِسْمَاعِيلَ وَمُسْلِمٍ بْنِ الحَجَّاجِ وَمَنْ نَحَا نَحْوَهُمْ فِي جَمْعِ الصَّحِيحِ عَلَى شَرْطِهِمَا فِي السَّبْكِ وَالانْتِقَادِ، إِلاَّ أَنَّ كِتَابَ أَبِي دَاوُدَ أَحْسَنُ وَصْفًا وَأَكْثَرُ فِقْهًا، وَكِتَابُ أَبِي عِيسَى (التِّرْمِذِيُّ) أَيْضًا كِتَابٌ حَسَنٌ».

وَطَرِيقَتُهُ فِيْ تَأْلِيفِ " سُنَنِهِ " مَا أَخْبَرَ عَنْ نَفْسِهِ، كَمَا نَقَلَهُ ابْنُ الصَّلاَحِ فِي " مُقَدِّمَتِهِ " (١) «ذَكَرْتُ فِيهِ الصَّحِيحَ وَمَا أَشْبَهَهُ وَقَارَبَهُ، وَمَا كَانَ فِي كِتَابِيِ مِنْ حَدِيْثٍ


(١) ص ١٨.