من طالع تاريخ الإسلام منذ بعث اللهُ به محمداً - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حتى اليوم، يرى ظاهرة واضحة كل الوضوح، وهي أَنَّ الإسلام ما برح يخوض معارك متعددة النواحي، تستهدف القضاء عليه أو تشويهه أو صرف المُسْلِمِينَ عنه، وهذه المعارك تَتَّسِمُ من جهة أعدائه بالدقة والتنظيم والكيد المُحْكَمِ كما تَتَّسِمُ من جهة المُسْلِمِينَ بالبراءة والغفلة عن هذه المؤامرات، والدفاع العفوي دُونَ إعداد سابق أو هجوم مضاد، ولولا أَنَّ الإسلام دين اللهِ الذي تَكَفَّلَ بحفظه لكانت بعض مؤامرات أعدائه كافية للقضاء عليه وانمحاء أثره.
ومن الواضح أَنَّ المؤامرات العدائية للإسلام تلبس في كل عصر لبوسها، فهي حين يكون المُسْلِمِينَ أقوياء تأخذ طريق التهديم الفكري والخلقي والاجتماعي، وحين يكونون ضعفاء تتخذ طريق الحرب والتجمع وتستهدف الإبادة والإفناء، فإذا عجزت طريق الحرب عن تحقيق أهدافها انقلبت إلى طريق فكري خداع، تستهوي عقول الغافلين أو المغفلين، فيثبت للإسلام في داخل أسواره نابتة تنحرف شيئاً فشيئاً عن عقيدة الإسلام السمحة، المشرقة، المحررة حتى تنتهي إلى عقائد، وأفكار تخالف المبادىء الأساسية للإسلام، وتحقق الأهداف الرئيسية التي يسعى إليها أعداؤه من حيث يبدو أنهم لا علاقة لهم بهذا التخريب والتهديم.
إِنَّ التشكيك في السُنَّةِ النَّبَوِيَّةِ الصَّحِيحَةِ التي تُذْعِنُ لها جماهير المُسْلِمِينَ، والتي أقامت صرح الفقه الإسلامي العظيم الذي لا تملك أُمَّةٌ من أمم الأرض عشر معشاره، هو مثل بارز لمحاولات أعداء الإسلام في القديم والحديث، فقد أخذت هذه المؤامرة طريقها إلى عقول بعض الفرق الإسلامية في الماضي، كما أخذت طريقها إلى عقول بعض الكُتَّابِ الإِسْلاَمِيِّينَ أمثال أحمد أمين في الحاضر، إنها مؤامرة لا ريب فيها، فالمُسْتَشْرِقُونَ اليهود واللاهوتيون المُتَعَصِّبُونَ يُلِحُّونَ عليها