للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

١ - الإِمَامُ أَبُو حَنِيفَةَ: ٨٠ - ١٥٠

نَسَبُهُ وَعُمْرُهُ:

هو أبو حنيفة النعمان بن ثابت بن زوطى، أقدم الأئمة الأربعة مولداً، وأكثرهم بين المُسْلِمِينَ أَتْبَاعًا، ولد بالكوفة، واختلف في سَنَةِ مولده على ثلاثة أقوال، قيل: سنة ٦٣ هـ، وقيل: سنة ٧٠، وقيل سنة ٨٠، والمشهور هو الثالث، وإن كان بعض الباحثين رَجَّحَ الرواية الثانية لنقول وروايات، ترجح لديه العمل بها (١). وتوفي ببغداد سنة ١٥٠ هـ، وقبره لا يزال هناك معروفاً يُزَارُ في حي مسمى باسمه وهو «الأعظمية» نسبة إلى الإمام الأعظم.

نَشْأَتُهُ وَمَدْرَسَتُهُ:

نشأ بالكوفة، وقد كانت من أكبر الأمصار الإسلامية في ذلك العصر وأحفلها بالعلماء من كل فئة، وأشهرها بأئمة اللغة من نحو وصرف وأدب وغيرها، درس علم الكلام أولاً حتى برع فيه، وبلغ فيه مبلغاً يشار إليه بالأصابع، ثم التحق بحلقة حماد شيخ فقهاء الكوفة، وتتصل حلقة حماد بعبد الله بن مسعود، إذ هو تلقى العلم عن إبراهيم النخعي الذي تلقاه عن علقمة بن قيس الذي تلقاه عن عبد الله بن مسعود - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -، ثم مازال يداوم على حضور حلقة شيخه حماد حتى توفي (١٢٠)، فاتفق رأي تلامذته على استخلاف أبي حنيفة مكانه، فانتهت إليه رئاسة مدرسة الكوفة التي عرفت بمدرسة الرأي، وأصبح إمام فقهاء العراق غير منازع، وسارت بذكره الركبان، واجتمع مع أشهر علماء عصره، بالبصرة ومكة والمدينة، ثم ببغداد بعد أن بناها المنصور، وناقشهم واستفاد منهم واستفادوا منه، وما زالت شهرته تتسع حتى غدت حلقته مجمعاً علمياً يجتمع فيها كبار المُحَدِّثِينَ كعبد الله بن المبارك، وحفص بن غياث، مع كبار الفقهاء كأبي يوسف


(١) منهم ابن حبان، واقتصر على ذلك في كتابه " الضعفاء "، وانظر " تأنيب الخطيب " ص ١٩ فما بعدها.