للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

أَحَادِيثُ التَّفْسِيرِ:

وقال في ص ٥٢٩: «وحسبك دليلاً على مقدار الوضع أن أحاديث التفسير التي ذكر عن أحمد بن حنبل أنه قال: «لَمْ يَصِحَّ عِنْدَهُ مِنْهَا شَيْءٌ»، قد جمع فيها آلاف الأحاديث، وأن البخاري وكتابه يشتمل على سبعة آلاف حديث منها نحو ثلاثة آلاف مُكَرَّرَةٌ، قالوا: إنه اختارها وَصَحَّتْ عنده من ستمائة ألف حديث كانت متداولة في عصره».

كثرة الوضع في الحديث مِمَّا لا ينكره أحد، ولكنه أراد أن يستدل على مقدار الوضع فاستشهد بشيئين: أحاديث التفسير، وأحاديث البخاري. وظاهر عبارته في أحاديث التفسير أنه يُشكِّكُ فيها كلها إذ ينقل عن الإمام أحمد أنه قال: «لَمْ يَصِحَّ مِنْهَا شَيْءٌ» (١). مع أنهم قد جمعوا فيها مئات الأحاديث، والإمام أحمد لا تخفى مكانته في السُنَّةِ، فإذا قال في أحاديث التفسير: لم يصح منها شيء كان كل ما روي فيها شُكُوكاً بصحته إن لم يحكم عليه بالوضع، أليست هذه نتيجة منطقية لكلام الأستاذ؟ والكلام معه في مقامين.

الأول: في أحاديث التفسير.

والثاني: فيما نقله عن الإمام أحمد.

أما أحاديث التفسير، فلا يخفى على كل من طالع كُتُبَ السُنَّةِ أنها أثبتت شيئاً كثيراً منها بطرق صحيحة لا غبار عليها، وما من كتاب في السُنَّةِ إلا وقد أفرد فيه مؤلفه باباً خَاصًّاً لما ورد في التفسيرعن الرسول - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أو الصحابة أو التَّابِعِينَ، وقد اشترط علماء التفسير على من يُفَسِّرُ كتاب الله - عَزَّ وَجَلَّ - أن يعتمد فيه على ما نقل عنه - صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - في ذلك.

قال الإمام أبو جعفر الطبري في " تفسيره ": «إِنَّ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ مِنَ الْقُرْآنِ، عَلَى نَبِيِّهِ


(١) وقد سبق له أن نقل هذا القول عن أحمد في بحثه السابق عن القرآن في كتابه " فجر الإسلام ".