لقد ذكر في أوائل فصل الحديث رَدَّ ابن عباس وعائشة عليه، وتكذيبهما له فيما روى من بعض الأحاديث، ثم زعم أنه يترجم له فاقتصر على ذكر نسبه وأصله وتاريخ إسلامه، وأشار إلى ما رُوِيَ من دعابته ومزاحه - وعرفت غرضه من ذلك - وكان من حق الأمانة العلمية عليه أن يذكر لنا مكانته في الصحابة والتَّابِعِينَ وأئمة الحديث، وثناءهم عليه، وإقرارهم له بالحفظ والضبط والصدق لأن هذا الجانب من ترجمة أبي هريرة أدخل في موضوعنا وأمس به من كل شيء سواه، ولكنه لم يفعل شيئاً من هذا، بل تعرض لآمور يسيء ظاهرها إلى أبي هريرة جِدَّ الإساءة، فكانت محاولة مستورة للطعن فيه، تمشياً مع (جولدتسيهر) وأمثاله من المُسْتَشْرِقِينَ.
وتتلخص دسائسه عليه في الأمور التالية: أولاً - إن بعض الصحابة - كابن عباس وعائشة - رَدُّوا عليه بعض حديثه وَكَذَّبُوهُ. ثانياً - إنه لم يكن يكتب الحديث، بل كان يعتمد في روايته على ذَاكِرَتِهِ.