نسيان أحدهم حَدِيثًا. وتذكر الآخر له، وليس ذلك ناشئاً عن شك أو ريبة أو تكذيب واحد لآخر، وعلى هذا ينبغي أن يفهم كل ما كان من نقاش بين أبي هريرة وغيره من الصحابة، ولا يجوز حمله على غير ذلك، لما ذكرناه من تصديق بعضهم لبعض، خصوصاً أبا هريرة الذي ذكرنا سابقاً، شيئاً من ثقتهم به واعترافهم له بالحفظ والتثبت. وهذه كلمة إجمالية بشأن كل ما يَرِدُ من نقاش بين أبي هريرة والصحابة، وسننظر في خصوص ما نقله المؤلف هنا:
١ - أما الحديث الأول وهو:«مَنْ حَمَلَ جِنَازَةً فَلْيَتَوَضَّأْ» وردُّ ابن عباس على أبي هريرة، فالكلام عنه من وجوه:
أولاً - لَمْ أَرَ لهذا الحديث بهذا النص أثراً في كتب الحديث قاطبة، ولا في كتب الفقه والخلاف، وَلَمْ أَرَ فيها ذكراً لهذه الحادثة التي رَدَّ فيها ابن عباس على أبي هريرة، ولو ثبت الحديث وثبتت الحادثة لما أغفلوا النص عليها، نعم ذكرها بعض علماء الأصول - بينهم صاحب " المَسَلَّمِ " - وهؤلاء قوم يتساهل بعضهم في ذكر الأحاديث التي ليس لها أصل، أو لها أصل من طريق ضعيف، لأن الحديث ليس من اختصاصهم، وعلى كل حال فإن كتبهم ليست مرجعاً في علم الحديث، ولا يرجع إليها فيه - متخطياً دواوينه المعتبرة - إلا حاطب ليل، أو صاحب غرض.