للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

التاريخية (١) اعتمد فيه على قواعد مصطلح الحديث، واعترف بأنها أصح طريقة علمية حديثة لتصحيح الأخبار والروايات.

وقد قال في الباب السادس (العدالة والضبط) بعد أن ذكر وجوب التحقّق من عدالة الراوي، والأمانة في خبره: «وَمِمَّا يُذْكَرُ مَعَ فَرِيدِ الإِعْجَابِ وَالتَّقْدِيرِ مَا تَوَصَّلَ إِلَيْهِ عُلَمَاءُ الحَدِيثِ مُنْذُ مِئَاتِ السِّنِينِ فِي هَذَا البَابِ. وَإِلَيْكَ بَعْضَ مَا جَاءَ فِي مُصَنَّفَاتِهِمْ نُورِدُهُ بِحُرُوفِهِ وَحَذَافيرِهِ تَنْوِيهًا بِتَدْقِيقَِهِمْ العِلْمِيِّ، وَاعْتِرَافًا بِفَضْلِهِمْ عَلَى التَّارِيخِ .. » ثم أخذ في نقل نصوص عن الإمام مالك، والإمام مسلم صاحب " الصحيح " والغزالي، والقاضي عياض وأبي عمرو بن الصلاح.

وعلم مصطلح الحديث يبحث عن تقسيم الخبر إلى صحيح وحسن وضعيف، وتقسيم كل من هذه الثلاثة إلى أنواع، وبيان الشروط المطلوبة في الراوي والمروي وما يدخل الأخبار من علل واضطراب وشذوذ، وما ترد به الأخبار وما يتوقف فيها إلى أن تعضد بمقويات أخرى، وبيان كيفية سماع الحديث وتحمّله وضبطه، وآداب المحدّث وطالب الحديث، وغير ذلك مِمَّا كان في الأصل بحوثاً متفرقة وقواعد قائمة في نفوس العلماء في القرون الثلاثة الأولى إلى أن أفرد بالتأليف والجمع والترتيب، شأن العلوم الإسلامية الأخرى في تطورها وتدرجها.

وقد كان أول من ألَّف في بعض بحوثه علي بن المديني شيخ البخاري، كما تكلم البخاري ومسلم والترمذي في بعض أبحاثه في رسائل مجردة لم يضم بعضها إلى بعض، ولكن أول من صنف في هذا الفن تصنيفا علمياً بحيث جمع كل أبوابه وبحوثه في مصنّف واحد هو القاضي أبو محمد الرامهرمزي (- ٣٦٠ هـ) في كتابه " المُحَدِّثُ الفَاصِلُ بَيْنَ الرَّاوِي وَالسَّامِعِ " ولكنه لم يستوعب فيه كل بحوث هذا العلم، ثم جاء الحاكم أبو عبد الله النيسابوري المُتَوَفَّى (- ٤٠٥ هـ) فَأَلَّفَ فيه كتابه " معرفة علوم الحديث " لكنه لَمْ يُهَذِّبْ وَلَمْ يُرَتِّبْ، ثم تلاه أبو نعيم الأصفهاني


(١) هو كتاب " مصطلح التاريخ " تأليف أسد رستم أستاذ التاريخ في الجامعة الأمريكية في بيروت سابقا وهو مسيحي تَفَرَّغَ أخيراً لأخبار الكنيسة الأرثوذكسية، ولينظر كتابه: ص ٦٧ - ٨٣ الطبعة الثانية، نشر المكتبة العصرية في صيدا.