واستنتج «الخضري» من ذلك أن غارة شعواء شُنَّتْ في عصر الشافعي أو قبله بقليل من المُتَكَلِّمِينَ على أَهْلِ السُنَّةِ، وأكثر المُتَكَلِّمِينَ كان بالبصرة، فمن المُؤَكَّدِ أن يكون الذي ناظر الشافعي من هؤلاء (١) وهذا الذي استظهره الشيخ «الخضري» قوي في النظر.
ثَانِياً - لاَ يُخَالِجَنَّكَ ذَرَّةٌ من الشك في أن المراد بإنكار حُجِيَّةِ السُنَّةِ إنكار ذلك من حيث الشك في طريقها، وما يلحق رُوَّاتَهَا من خطأ أو وهم، وما يندس بينهم من وَضَّاعِينَ وكذّابين، ومن هنا قال من قال بوجوب الاقتصار على القرآن وعدم الاعتماد عَلَى السُنَّةِ، لا أنهم أنكروها من حيث أقوال النَّبِيِّ وأفعال وتقريرات، فإن مسلماً لا يقول بذلك، ولم ينقل عن طائفة من طوائف المُسْلِمِينَ أنها قالت بأن اتباع أمر رسول الله ليس بواجب، وأن أقواله وأفعاله ليست من مصادر التشريع، ولا شك أن في القول بذلك رَدًّا لأحكام القرآن وما أجمع عليه الصحابة وَالمُسْلِمُونَ، نعم نسب القول إلى طائفة من غُلاَةِ الرَّوَافِضِ التي تنكر نُبُوَّةَ محمد - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، وهذا لا كلام لنا فيه، فالبحث إنما هو في آراء الطوائف الإسلامية، لاَ المُرْتَدِّينَ وَالمَلاَحِدَةَ وأشباههم، وإليك من نصوص العلماء ما يؤكد هذا الذي قلناه.