للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

النَّخَعِي وعامر الشعبي وسعيد بن جُبير والقاسم بن عبد الرحمن بن عبد الله بن مسعود. وكان في الشام أبو إدريس الخولاني وقُبيصة بن ذؤيب وسليمان بن حبيب وخالد بن معدان وعبد الرحمن بن غنم الأشعري وعبد الرحمن بن جُبير ومكحول. وكان في مصر يزيد بن أبي حبيب وبُكير بن عبد الله الأشج وعمرو بن الحارث (١) والليث بن سعد وعبيد الله بن أبي جعفر، وكان في اليمن مُطَرِّفٌ وغيره.

هؤلاء أعلام الإسلام في العصر الأموي فهل شاركوا علماء المدينة في الوضع؟ وكيف تَمَّ ذلك؟ وأين هذا المؤتمر الذي ضَمَّهُمْ، حَتَّى اتَّخَذُوا فيه قرارالوضع؟ وإذا كانوا لم يشاركوا علماء المدينة في ذلك، فكيف سكتوا عنهم وكيف نقلوا حديثهم؟ وأين هو في التاريخ إنكارهم على هؤلاء العلماء. بل إنا لنجد على عكس ذلك أنَّ علماء الأمصار جميعاً يعترفون بأنَّ حديث الحجاز أصح حديث وأقواه، بل إنَّ عبد الملك يعترف لعلماء المدينة بِصِحَّةِ الحديث حين أشار على الزُّهْرِي أنْ يأتي إلى دُورِ الأنصار (*) فيتعلم منهم - كما سيأتي معنا في الحديث عن الزُّهْرِي - فكيف اعترفوا بذلك لو كانت المدينة دار ضرب الحديث وابتكاره ووضعه للناس؟ إنها دعوى متهافتة لا تثبت أمام النقد لحظات ولكن الهَوَى يُعْمِي.

ومِمَّا يزيد في تهافت هذه الدعوى أنَّ هذا المستشرق يتخذ مِنْ عِدَاءِ ابن المسيب لعبد الملك ذريعة لرمي علماء المدينة كلهم بالكذب والوضع، ولكنه لا يذكر لنا دور سعيد في هذه الحركة، لقد كان من حقه أنْ يكون على رأسها، ولكنه لم يذكر له دوراً في هذه الحركة. فلماذا؟ هل هو يَتَّهِمُهُ في الحقيقة بالوضع كما اتَّهَمَ الزُّهْرِي. ولكنه لم يجرؤ على ذلك إذ لم يجد بين يديه ولو رواية مُفْتَعَلَةً يُؤَيِّدُ بها دعواه كما فعل مع الزُّهْرِي؟ أم أنه يُبَرِّئُهُ من تهمة الوضع؟ فكيف كان ذلك وهو على رأس العلماء الأتقياء الذين انحرفوا عن بني أميَّة واضطروا إلى القيام بتلك الحركة كما زعم؟ هكذا يتهافت الكذوب ويضطرب في دعواه ..


(١) انظر: " إعلام الموقعين ": ١/ ١٧ وما بعدها.
(*) [قارن بصفحتي ١٩٨ و٢١٨ من هذ الكتاب].