البُوَيْطِي " أنه لا يحل تفسير المتشابه إلا بِسُنَّةٍ عَنْ النَّبِيِّ- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، أو خبر عن أحد من أصحابه: أو إجماع العلماء، نعم إن الذي نقل عَنْ النَّبِيِّ- صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تفسيره، أقل مِمَّا لم ينقل، وأن ما صح عنه أقل مِمَّا لم يصح، ولكن هذا لايجوز تشكيك الناس في جملته.
وأما ما نقله عن الإمام أحمد في أحاديث التفسير، فهو يشير إلى ما روي عنه من قوله:«ثَلاَثَةُ لَيْسَ لَهَا أَصْلٌ: التَفْسِيرُ، وَالمَلاَحِمُ وَالمَغَازِي»، وفي رواية:«[ثَلاَثَةُ] كُتُبٍ لاَ أَصْلَ لَهَا: المَغَازِي وَالمَلاَحِمُ وَالتَفْسِيرُ» والكلام عن هذه العبارة من وجوه:
أَوَلاًً - أن في النفس من صحتها شَيْئًا، فإن الإمام أحمد نفسه قد ذكر في " مسنده " أحاديث كثيرة في التفسير. فكيف يعقل أن يُخْرِجَ هذه الأحاديث ويثبتها عن شيوخه في " مسنده "، ثم يحكم بأنه لم يصح في التفسير شيء؟ وأيضاًً فمقتضى هذه العبارة أن يكون كل ما روي عن أخبار العرب ومغازي المُسْلِمِينَ مكذوباً من أصله، ومن يقول بهذا؟
ثَانِياًً - إِنَّ نفي الصحة لا يستلزم الوضع أو الضعف، وقد عرف عن الإمام أحمد خاصة نفي الصحة عن أحاديث وهي مقبولة، وقالوا في تأويل ذلك: إن هذا اصطلاح خاص به، قال اللَّكْنَوِي في " الرفع والتكميل " (١) «كَثِيراً مَا يَقُولُونَ " لاَ يَصِحُّ "، وَ " لاَ يَثْبُتُ " هَذَا الحَدِيثُ، وَيُظَنُّ مِنْهُ مَنْ لاَ عِلْمَ لَهُ أَنَّهُ مَوْضُوعٌ، أَوْ ضَعِيفٌ وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى جَهْلِهِ بِمُصْطَلَحَاتِهِمْ وَعَدَمِ وُقُوفِهِ عَلَى مُصَرَّحَاتِهِمْ»، فقد قال علي القاري في " تذكرة الوضوعات ": «لاَ يَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ الثُّبُوتِ وُجُودُ الوَضْعِ». وقال الحافظ ابن حجر في تخريج أحاديث الأذكار المسمى بـ " نتائج الأفكار ": ثبت عن أحمد ابن حنبل أنه قال: «لا أعلم في التسمية (أي التسمية بالوضوء) حَدِيثًا ثابتاً»، قلت:(أي ابن حجر): «لاَ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ العِلْمِ ثُبُوتُ العَدَمِ، وَعَلَى التَنَزُّلِ: لاَ يَلْزَمُ مِنْ نَفْيِ الثُّبُوتِ ثُبُوتُ الضَّعْفِ، لاِحْتِمَالِ أَنْ يُرَادَ بَالثُّبُوتِ الصِحَّةَ، فَلاَ يَنْتَفِي الحُسْنُ» اهـ.