للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

لا باسمه واسم أبيه، وما جعل الله دخول الجنة وبلوغ مراتب السعادة عنده بالأسماء والكنى والألقاب. ومن زعم مثل هذا فهو جاهل بدين الله.

٢ - إن كثيراً من الصحابة قد اختلف في أسمائهم اخلافاً كبيراً: ولم ينقص ذلك من أقدارهم وخدمتهم للإسلام وتقدير المُسْلِمِينَ لهم ولأعمالهم.

٣ - إن سبب هذا الاختلاف في اسم أبي هريرة يعود إلى أنه منذ أسلم لم يعرف إلا باسم «أبي هريرة» ولم يكن من قريش وقبائلها حتى يعرفه الصحابة باسمه الأصلي، وإنا لنشاهد أكثر المُسْلِمِينَ اليوم لا يعرفون الاسم الحقيقي لأبي بكر الصديق - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ - لأنهم منذ نشؤوا لم يعرفوه إلا بكنيته، فأي ضرر في هذا؟ لقد كان من قبيلة دوس، من مكان نَاءٍ عن مكة والمدينة، ومنذ أسلم ولزم النَّبِيّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لَمْ يُنَادَ إلا بأبي هريرة، فهل يستغرب بعد ذلك أن ينسى اسمه الأصلي الذي سماه به أبوه وأمه؟

٤ - إن الاختلاف في اسمه واسم أبيه اٍلى ثلاثين أو أربعين قولاً، ليس على حقيقته، بل هو ناشىء من وهم الرُواة وتقديم لفظ على لفظ، والخلاف الحقيقي لا يتجاوز على التحقيق ثلاثة أقوال.

قال الحافظ ابن حجر في " الإصابة ": «مع أن بعضها (بعض الأسماء التي رويت له) وقع فيه تصحيف أو تحريف، مثل بَرٌ وَبَرِيرٌ وَيَزِيدٌ، والظاهر أنه تغيير من بعض الرُواة، وكذا ساكن وسكين، الظاهر أنه يرجع إلى واحد وكذا سعد وسعيد». ثم قال: «فعند التأمل لا تبلغ الأقوال عشرة خالصة، ومرجعها من جهة صحة النقل إلى ثلاثة: عُمَيْر، وعبد الله، وعبد الرحمن» (١).

فالخلاف الحقيقي هو في ثلاثة أقوال. ونحن نجد في عشرات الصحابة من اختلف في أسمائهم إلى أربعة أقوال أو خمسة أو ستة، فلماذا التهويش في هذا الشأن؟ إلا أن تكون النية خبيثة، والقصد التشنيع والتشويش؟


(١) " الإصابة في تمييز الصحابة ": ٤/ ٢٠٤.