للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

على أن الحديث لم يصح سَنَدُهُ إلى النَّبِيّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وإليك ما قاله الحافظ السخاوي: قال العقيلي: هذا الحديث إنما يعرف بطلحة، وقد تابعه قوم نحوه في الضعف، وإنما يروي هذا عطاء بن عبيد بن عمير من قوله. اهـ، يشير إلى ما رواه ابن حبان في " صحيحه " عن عطاء قال: دخلت أنا وعبيد بن عمير على عائشة، فقالت لعبيد: " قد آن لك أن تزورنا "، فقال: " أقول لك يا أمَّه كما قال الأول: زُرْ غباً تزدد حبّاً "، فقالت: " دعونا من بطالتكم هذه " .. ثم قال السخاوي: والحديث مروي أيضاًً عن أنس وجابر وحبيب بن مسلمة وابن عباس وابن عمر وعلي ومعاوية بن حيدة وأبي الدرداء وأبي ذر وعائشة وآخرين، حتى قال ابن طاهر: إن ابن عدي أورده في أربعة عشر موضعاً من " كامله "، وعلَّلَهَا كلها، وبمجموعها يتقوى الحديث وإن قال البزار: إنه ليس فيه حديث صحيح، فهو لا ينافي ما قلناه (أي من أنه ورد من طرق ضعيفة يُقَوِّي بعضها بعضاً (١).

فالحديث كما ترى فيه مقال: وعلى فرض ثبوته، فلم يثبت أن النَّبِيَّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فاله لأبي هريرة خاصة، بل رُوِيَ عن أكثر من عشرة من الصحابة لا يستطيع أَبُو رَيَّةَ أن يَدَّعِي أنهم كلهم كانوا ثقلاء يغشون بيوت الناس فنصحهم النَّبِيّبذلك وَأَدَّبَهُمْ!! ..

وأما ما زعمه أَبُو رَيَّةَ من أن بعضهم كان ينفر منه فهذا هو الكذب الصريح المتعمد، ونحن نَتَحدَّاهُ أن يأتينا برواية صحيحة معتمدة تثبت هذا، بل كان أبو هريرة مَحْبُوبًا عند جميع المُسْلِمِينَ استجاب الله فيه دعاء رسوله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - كما رُوِيَ ذلك في "البخاري " وغيره من كُتُبِ السُنَّةِ.

٦ - ثم ذكر أَبُو رَيَّةَ أن أبا هريرة كان يستقرىء الرجل الاَية وهي معه كي ينقلب به فيطعمه، وكان يفعل ذلك مع جعفر بن أبي طالب ومن أجل ذلك جعل أبو هريرة جعفر بن أبي طالب أفضل من أبي بكر وعمر وعلي وعثمان وغيرهم من كبار الصحابة (٢) وفي هذا عديد من الافتراء والكذب والتضليل، أما قوله:


(١) " المقاصد الحسنة ": ص ٢٣٢.
(٢) ص ١٥٥.