للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

قد ألقيت نظرة سريعة على كتابه فكتبت ما كتبت، ولكني بعد أن تدبرت ما كتبه عن أبي هريرة، وناقشت ما ساقه من نصوص و «حكايات» أستطيع أن أجزم بالحقائق التالية:

أولاً - إن الرجل غير موثوق فيما ينقل، فكثيراً ما يريد في النص الذي ينقده كلمة يفسد بها المعنى، لينسجم النص مع ما يريد، دُونَ ما يريد صاحبه، وكثيراً ما ينقص كلمة، وكثيراً ما يسند القول إلى غير صاحبه تضليلاً وتمويهاً، وقد مر بنا أمثلة من ذلك خلال مناقشته لما كتبه عن أبي هريرة، ونحن نضع الآن بعض هذه الأمثلة أمام القارىء ليتأكد من «أمانة» هذا الرجل، و «تحقيقه العلمي»!

١ - يقول (١) عن عبد الله بن عمرو - رَضِيَ اللهُ عَنْهُ -:

«وكان قد أصاب زاملتين من كتب أهل الكتاب، وكان يرويها للناس " عَنْ النَّبِيِّ"» ثم نسب هذا القول إلى ابن حجر في " فتح الباري " ص ١٦٦ ج ١، وعبارته في " الفتح " ليس فيها «عَنْ النَّبِيِّ» وإنما زادها أَبُو رَيَّةَ ونسبها إلى الحافظ ابن حجر ليؤكد للقارىء الشك في أحاديث صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - الذين كان بعضهم يستمع إلى مُسْلِمَةِ أَهْلِ الكِتَابِ يتحدثون عن أخبار الأمم الماضية، فمنهم من كان ينقلها عنهم على أنها قصص متعلقة بالماضين، ولكن أَبَا رَيَّةَ يتهمهم بأنهم كانوا " ينسبونها " إلى النَّبِيّ - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -! .. ولم يكتف بذلك البهتان حتى نسبه إلى الحافظ ابن حجر وهو لم يقله قط ولا يقوله مسلم يعرف ما كان عليه هذا الجيل الفذ في تاريخ الإنسانية من صدق اللهجة واستقامة الدين ووقوف عند حدود الله فيما أمر ونهى، وهم يعلمون أن الله لعن الكَاذِبِينَ ومقتهم، وليس أَقَرَّ لعيون أعداء الله والإسلام من أَنْ يُرْمُوا بما رماهم به «أَبُو رَيَّةَ».

٢ - ونقل (٢) عن ابن كثير في " البداية والنهاية " ٨/ ٢٠٦ أن عمر - رضي الله


(١) ص ١٦٢ بالهامش رقم ٣.
(٢) ص ١١٥.