رابعاً - إنه في سبيل تأكيد الفكرة المُسْتَوْلِيَةِ عليه يرفض نصوصاً أجمع العلماء على صحتها، من حيث يعتمد على روايات مكذوبة نص العلماء على بطلانها وعلى «حكايات» تُرْوَى في مجالس الأدب، ومن مصادر غير موثوقة في نظر العلماء وليس لها سند ولا يعرف قائلها.
وبهذا ليس عنده مانع يمنع من تكذيبه لما جاء في كل كُتُبِ السُنَّةِ الصحيحة كـ "البخاري " و"مسلم " و"السنن الأربعة " وغيرها في بسط رداء أبي هريرة ودعاء الرسول له بالحفظ، ويذهب في تكذيب هذه الرواية إلى حد السخرية والاستهزاء، في حين أنه يعتمد على ما جاء في كتاب " [حياة] الحيوان " للدميري، و" شرح ابن أبي الحديد "، و" عيون الأخبار "، و" مقامات " بديع الزمان الهمذاني!! ..
وهذا هو بعينه أسلوب أولئك المُتَعَصِّبِينَ من المُسْتَشْرِقِينَ كما أشرنا إلى ذلك فيما سبق، فافتدى بهم، حذوك النًعل بالنعل.
خامساً - اعتماده في سب أبي هريرة وتكذيبه وفي التشكيك بِالسُنَّةِ وَرُوَّاتِهَا، على ما كتبه المستشرق «جولدتسيهر» و «شبرنجر» و «فون كريمر» و" دائرة المعارف الإسلامية (البريطانية) " وتفاخره بأنه يأخذ عن هؤلاء ويتلقى عنهم دروس السب والشتيمة في جلة صحابة رسول الله - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -!.
بل إنه كان أكثر منهم بذاءة وأطول لساناً، انظر إلى «شبرنجر» إنه يقول عن أبي هريرة: «المُتَطَرِّفُ فِي الاخْتِلاَقِ وَرَعًا».
ألا ترى أن هذا الكلام على ما فيه من نسبة الكذب إلى أبي هريرة يعتبر كالتسبيح بجانب ما أضفاه أَبُو رَيَّةَ على أبي هريرة من ألفاظ السب والشتم والهجاء المقذع حين زعم أنه كان يختلق الأحاديث لِيُرْضِي بها الأُمَوِيِّينَ.
ثم إن «شبرنجر» يعترف بأن كثيراً من الأحاديث التي تنسبها الروايات إليه إنما قد نحلت في عصر متأخر، فهو «شبرنجر» لا يُحَمِّلُ أبا هريرة وِزْرَهَا، ولكن أَبَا رَيَّةَ حَمَّلَ أبا هريرة وِزْرَ كل الروايات المكذوبة عليه واستنتج منها تلك النتائج البعيدة عن الحق.