ونزيد الأمر إِيضَاحاً بأن كُلاًّ من الخطيب وأبي نعيم وابن عساكر - وإن كانوا من كبار الحفاظ في عصرهم - لم يلتزمو افي كتبهم المذكورة إخراج ما أوردوه عن طريق صحيح، وإنما جمعوا ما وصلهم مِمَّا يتصل بموضوع الكتاب الذي يؤلفونه بقطع النظر عن حُجَّةِ السَّنَدِ أو ضعفه أو صدق الخبر المروي أو كذبه، اعتماداً منهم على ذكر السند، وبمعرفة حال رواته تعرف حال الخبر، ولهذا جاء في كتبهم المذكورة كثير من الأحاديث والأخبار المكذوبة والواهية مِمَّا نص العلماء على كثير منها. ولذلك يقول الذهبي في " رسالة الثقات ": ص ١١ عند ذكره الخطيب: «وَهُوَ وَأَبُوْ نُعَيْمٍ وَكَثِيْرٌ مِنْ عُلَمَاءِ المُتَأَخِّرِيَنَ لاَ أَعْلَمُ لَهُمْ ذَنْبًا أَكْبَرُ مِنْ رِوَايَتِهِمْ الأَحَادِيثَ المَوْضُوعَةَ فِي تَآلِيفِهِمْ غَيْرَ مُحَذِّرِينَ مِنْهَا، وَهَذَا إِثْمٌ وَجِنَايَةٌ عَلَىَ السُّنَنِ فَاللَّهُ يَعْفُوَ عَنَّا وَعَنْهُمْ». (٢) هو الدكتور طه حسين الذي كتب مقالاً عن كتاب أَبِي رَيَّةَ في بعض الصحف المصرية أبدى فيه إعجابه بكثرة المراجع التي رجع إليها في هذا الكتاب مِمَّا يدل على دأبه وبحثه: ومع ذلك فقد نقده نقداً لاذعاً فيما يتعلق بأبي هريرة. وكان من أمانة هذا المحقق أَبِي رَيَّةَ أن نشر ثناءه عليه في كثرة المصادر وحذف انتقاده اللاذع عليه.