الحياة في الإنسان نفسه، وعن الإحاطة بجزء كحبة الرمل من صحراء هذا الكون العجيب، فكيف يستطيع أن يعلم حقيقة خالق هذا الكون كله؟ أترى تستطيع النملة التي تدب في سفح جبال هملايا أن تحيط بارتفاع هذه الجبال وسعتها وقطرها؟ رضي الله عن الشاعر أحمد الصافي النجفي، حين يقول فيما سمعته منه:
يَعْتَرِضُ العَقْلُ عَلَى خَاِلٍق * ... * ... * مِنْ بَعْضِ مَخْلُوقَاتِهِ العَقْلُ
وللنظر إلى المسألة من ناحية أخرى:
لنفرض أن تحكيم العقل في الأحاديث هو الصواب، فنحن نسأل: أي عقل هذا الذي تريدون أن تُحَكِّمُوهُ؟
أعقل الفلاسفة؟ إنهم مختلفون، وما من متأخر منهم إلا وهو ينقض قول من سبقه.
أعقل الأدباء؟ إنه ليس من شأنهم، فإن عنايتهم - عَفَا اللهُ عَنْهُمْ - بالنوادر والحكايات.
أعقل علماء الطب، أو الهندسة، أو الرياضيات؟ ما لهم ولهذا؟
أعقل المُحَدِّثِينَ؟ إنه لم يعجبكم، بل إنكم تتهمونهم بالغباوة والبساطة.
أعقل الفقهاء؟؟ إنهم مذاهب متعددة، وعقليتهم - في رأيكم - كعقلية المُحَدِّثِينَ.
أعقل المُلْحِدِينَ؟ إنهم يريدون أَنَّ إيمانكم بوجود الله، جهل منكم وخرافة.
أعقل المؤمنين بوجود الله؟ تعالوا نَرَ طوائفهم:
إن منهم: من يرى أن الله يحل في إنسان فيصبح إلهاً!
ومنهم: من يرى أن روح الله تتقمص في جسد، فيكون إلهاً!
ومنهم: من يرى أن الله ومخلوقاته في وحدة كاملة!
ومنهم: من يرى أن الله ذو ثلاثة أقانيم في ذات واحدة!
ومنهم: من يرى البقر والفأر والقرد يجب أن يتوجه إليها بالعبادة!
ستقولون: إننا نريد تحكيم عقل المؤمنين بإله واحد في دين الإسلام.
فنحن نسألكم: عقل أي مذهب من مذاهبهم ترتضون؟