للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

٣ - قال قتادة: قوله تعالى: " وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ ": كل شيء فيه الروح يُسبح، من شجر، أو شيء فيه " (١)

٤ - قال الضحاك: في قوله:" وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِي": كل شيء فيه الروح (٢).

القول الثالث: أن تسبيح السماوات والأرض والجمادات، وسائر الحيوانات سوى العقلاء، هو مادلت بلطيف تركيبها، وعجيب هيئاتها على خالقها، فيصير ذلك بمنزلة التسبيح منها (٣)، فالمقصود من تسبيح الجمادات على هذا القول: أنها تدعو الناظر إليها أن يقول: سبحان الله، لعدم الإدراك منها، فلطيف الصنعة، وبديع القدرة، توجب على من رآها تسبيح الله وتقديسه.

ووهن الإمام السمعاني هذا القول، وقال: " وقال بعضهم: إن سجود الحجارة هو بظهور أثر الصنع فيه، على معنى أنه يحمل السجود والخضوع لمن تأمله وتدبر فيه، وهذا قول فاسد، والصحيح ماقدمنا، والدليل عليه أن الله وصف الحجارة بالخشية، فقال:" وَإِنَّ مِنْهَا لَمَا يَهْبِطُ مِنْ خَشْيَةِ اللَّهِ " ولا يستقيم حمل الخشية على ظهورأثر القدرة عليه، وأيضاً فإن الله تعالى قال:" يَاجِبَالُ أَوِّبِي مَعَهُ وَالطَّيْرَ" أوبي معه: أي سبحي معه، ولو كان المراد ظهور أثر الصنع فيه.

لم يكن لقوله: " مع داود" معنى؛ لأن داود وغيره في رؤية أثر الصنع سواء، وأيضا فإن الله تعالى قال:" وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِي" أي يطيع الله بتسبيحه،"وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ " ولو كان المراد بالتسبيح ظهور أثر الصنع فيه، لم يستقم قوله: " وَلَكِن لَّا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ " (٤).

والخلاصة أن الإمام السمعاني قرر في هذه المسألة مايلي:

١ - أن لله تعالى علما في الموات لايعلمه غيره، ولايقف عليه الناس (٥).


(١) ((ابن كثير: تفسير القرآن العظيم:٥/ ٨٠
(٢) ((ابن كثير: تفسير القرآن العظيم:٥/ ٨١
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن:٣/ ٢٤٤
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٣/ ٤٢٨ - ٥/ ٤٣٠
(٥) ((السمعاني: تفسير السمعاني:١/ ٩٦ - ٥/ ٤٠٨

<<  <   >  >>