للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقد نُقِلَ الإجماع عن علماء الأمة على إثبات الوجه: يقول الإمام ابن خزيمة: " فنحن وجميع علمائنا من أهل الحجاز، وتهامة، واليمن، والعراق، والشام، ومصر، مذهبنا: أنا نثبت لله ما أثبته لنفسه نُقرُّ بذلك بألسنتنا، ونصدق ذلك بقلوبنا، من غير أن نُشبِّه وخالقنا، بوجه أحد من المخلوقين، عز ربنا عن أن يُشبه المخلوقين، وجَلَّ ربُنا عن مقالة المعطلين" (١)، وكذا حكى الإجماع الإمام ابن تيمية، فقال: " ... مع ما في الكتاب والسنة، واتفاق سلف الأمة وأئمتها، من وصفه باليدين والوجه " (٢).

[١٠ ـ صفتا القرب والدنو لله تعالى]

قال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ} [البقرة:١٨٦]، " أي: لا يخفى علي شيء، وهو أقرب إلى العباد من حبل الوريد، وأقرب إلى القلب من ذي القلب " (٣)، وقال تعالى: {ثُمَّ دَنَا فَتَدَلَّى} [النجم:٨]، ذكر السمعاني ثلاثة أقوال في معنى الآية:

الأول: دنا جبريل من النبي صلى الله عليه وسلم.

الثاني: دنا محمد صلى الله عليه وسلم من ربه.

الثالث: دنا الرب جل جلاله، من محمد صلى الله عليه وسلم، ثم قال: " وهو لفظ ثابت أيضاً، وهو على ما شاء الله " (٤)، مع أنه رجح القول الأول.

فهاتان صفتان لله جل وعلا، أجمع العلماء على إثباتهما لله تعالى، على ما يليق بعظمته، وجلاله، وكماله، فهو " عليٌّ في دنوه، قريب في علوه " (٥)، يقول الإمام ابن تيمية: " وأما دنوه وتقربه من بعض عباده، فهذا يُثبته من يثبت قيام الأفعال الاختيارية بنفسه، ومجيئه يوم القيامة، ونزوله، واستواءه على العرش، وهذا مذهب أئمة السلف، وأئمة الإسلام المشهورين، وأهل الحديث، والنقل بذلك متواتر " (٦).


(١) ((ابن خزيمة: كتاب التوحيد: مكتبة الرشد، الرياض، ط ٥، ١٤١٤ هـ (١/ ٢٦)
(٢) ((ابن تيمية: بيان تلبيس الجهمية: ٤/ ٩٢
(٣) ((السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ١٨٥
(٤) ((السمعاني: تفسير القرآن: ٥/ ٢٨٧
(٥) ((الهراس: شرح العقيدة الواسطية: دار الهجرة، الخبر، ط ٣، ١٤١٥ هـ، (١٩٣)
(٦) ((ابن تيمية: مجموع الفتاوى: ٥/ ٤٦٦

<<  <   >  >>