للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[رابعا: ومن نواقض هذا النوع من التوحيد: موالاة الكفار والركون إليهم]

موالاة الكفار والركون إليهم، فيه مضادة لما أمر الله جل وعز، فالله أمر بعدائهم، ونهى عن موالاتهم، والركون إليهم، قال تعالى:" لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاءَ تُلْقُونَ

إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءَكُم مِّنَ الْحَقِّ" (الممتحنة ١)، هذه الآية وإن كان نزولها، بسبب ماجرى من حاطب بن أبي بلتعة - رضي الله عنه -، إلا أن العبرة بعموم اللفظ، لا بخصوص السبب، كما يقول أهل التفسير، والذي يدل عليه، هو ذكر الأسوة الحسنة في إبراهيم الخليل - عليه السلام - بعد هذه الآية فقال تعالى:" قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَأَىؤُا مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّى تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ " (الممتحنة ٤)، يقول السمعاني: "المعنى في الكل: أنه أمرهم بأن يتأسوا بإبراهيم في التبرؤ من المشركين، وترك الموالاة معهم" (١). ويدل عليه قوله تعالى في آخر السورة:" يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَوَلَّوْا قَوْمًا غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ" (الممتحنة ١٣)، يقول السمعاني: "فيه رجوع إلى قصة حاطب، وتأكيد النهي عن موالاة الكفار، وقيل إن الآية عامة" (٢) ..

وقال تعالى:" لَّا يَتَّخِذِ الْمُؤْمِنُونَ الْكَافِرِينَ أَوْلِيَاءَ مِن دُونِ الْمُؤْمِنِينَ وَمَن يَفْعَلْ ذَلِكَ فَلَيْسَ مِنَ اللَّهِ فِي شَيْءٍ إِلَّا أَن تَتَّقُوا مِنْهُمْ تُقَاةً " (آل عمران ٢٨)، يقول السمعاني: "هذا في قوم مخصوصين أسلموا على موالاة اليهود والمشركين، فنهاهم الله عن ذلك، وهو معنى

قوله:"لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ" (المجادلة ٢٢) " (٣).


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٤١٥.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٥/ ٤٢٢.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٣٠٨.

<<  <   >  >>