غالب الدراسات التي اطلعت عليها، اهتمت بذكر منهج الإمام السمعاني في التفسير، وبعضها الآخر أشار إلى منحى تميز به الإمام السمعاني في تفسيره، كمنهجه في الترجيح والاستنباط.
ومع هذه الوفرة العلمية عن حياة الإمام السمعاني، إلا أني لم أحظَ أثناء بحثي عن مؤلف مستقل، عن منهج الإمام السمعاني وآرائه الإعتقادية، إلا برسالة وحيدة في بابها، بعنوان: جهود الإمام أبي المظفر السمعاني في تقرير عقيدة السلف (١).
وقد أشار الباحث في رسالته إلى جهود الإمام السمعاني في تقرير عقيدة السلف في:
ـ توضيح التوحيد وبيانه، من جهة بيان أول ما يجب على المكلف، ثم توضيح توحيد الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات.
ـ توضيح جملة من مسائل الإيمان، من جهة بيان مسمى الإيمان، وبيان أحكام أهل الكبائر، وفي مسائل القدر، ومباحث اليوم الآخر.
ـ توضيح ما يتعلق بحق الصحابة -رضي الله عنهم-، من جهة بيان وجوب محبة الصحابة ـ رضي الله عنهم ـ، ووجوب السكوت عما شجر بينهم، وذكر جملة من فضائلهم -رضي الله عنهم-.
وهذه الرسالة بينها وبين هذا البحث، مزاوجة في الأفكار، وتوارد في النتائج والآثار، غير أن المسار المتبع في الرسالتين مختلف، وإن كان محصل الرسالتين في الأخير مؤتلف. فالرسالة الأولى قامت على بيان جهود الإمام السمعاني في تقرير عقيدة السلف، على المستوى العام، مع أن النتيجة التي توصل إليها الباحث مسوقة في عنوان البحث. في حين أن هذا البحث، فيه عرض لآراء الإمام السمعاني العقدية، من خلال كتابه تفسير القرآن، وربطها ببعض أقواله في كتبه الأخرى، ثم دراستها دراسة متأنية على ضوء المنهج السلفي، ثم الخروج بنتيجة كلية، ومقارنتها بما قيل فيه من مدح وثناء وتبجيل وتعظيم؛ كونه كان نقي المعتقد، منتصرا لأهل السنة والحديث، وشوكة في حلوق أهل البدع.
(١) وهي رسالة علمية قدمت لنيل درجة الماجستير تقدم بها الباحث محمد بن بو بكر بن عمر بنعلي، من تونس، للجامعة الإسلامية بالمدينة النبوية، ونوقشت بتاريخ ١٤/ ١/١٤١٤ هـ، وأجيزت بتقدير ممتاز، وقد أشرف عليها د. غالب العواجي، وهي مطبوعة في مجلدين، في (٧٢٤) صفحة.