للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[ثالثا: ومن نواقض هذا النوع من التوحيد، الغلو في الدين]

نهى الله عزوجل أهل الكتاب عن الغلو في الدين؛ لأنه من أسباب تضييع الشرائع، وخفاء الحق وظهور التفرق، فقال:" يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ" (النساء ١٧١)، فكان من أثار هذا الغلو، أن قصرت اليهود في حق عيسى، وجاوزت النصارى فيه الحد، حتى جعلته إلها معبودا من دون الله تعالى (١).

وقد بين السمعاني هذا المصطلح من جه حَدِّه، ودليله، وخطورته.

أ/فأما حَّدُه فقال: الغلو: مجاوزة الحد (٢)، وجَعَل الاستكبار عن العبادة هو نوع من الغلو، قال تعالى:" وَمَن يَسْتَنكِفْ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيَسْتَكْبِرْ فَسَيَحْشُرُهُمْ إِلَيْهِ جَمِيعًا" (النساء ١٧٢) يقول السمعاني: " أن الاستنكاف: هو التكبر مع الأنفة، والاستكبار هو الغلو والتكبر من غير أنفه" (٣)، وفسر العتو بالغلو، قال تعالى:" فَعَقَرُوا النَّاقَةَ وَعَتَوْا عَنْ أَمْرِ رَبِّهِمْ" (الأعراف ٧٧)، يقول السمعاني: " العتو: الغلو في الباطل" (٤).

وهذا الذي عَرَّف به السمعاني الغلو، هو ماتعارفته كتب اللغة والمعاجم، فقد نصت على هذا المعنى وتوارثته:

يقول الأزهري: " غلا في الدين، يغلوا غلوا: إذا جاوز الحد " (٥).

ويقول ابن منظور: " أصل الغلاء: الارتفاع، ومجاوزة القدر في كل شيء، وغلا في الدين والأمر يغلو غلوا: جاوز حَدَّه" (٦) ..

وبين ابن الأثير معناه من جهة أخرى فقال: "وقيل معناه: البحث عن مواطن الأشياء، والكشف عن عللها، وغوامض متعبداتها " (٧).

ويقول الإمام ابن تيمية في تعريف الغلو: " مجاوزة الحد، بأن يزاد الشيء في حده، أو ذمه على مالايستحق ونحو ذلك " (٨).


(١) السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٥٠٥.
(٢) السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ٥٦.
(٣) السمعاني: تفسير القرآن:١/ ٥٠٧.
(٤) السمعاني: تفسير القرآن:٢/ ١٩٤.
(٥) الأزهري: تهذيب اللغة:٨/ ١٩٠.
(٦) ابن منظور: لسان العرب ١٥/ ١٣١.
(٧) ابن الأثير: النهاية في غريب الحديث والأثر، المكتبة العلمية- بيروت،١٣٩٩ هـ' (٣/ ٣٨٢).
(٨) ابن تيمية: اقتضاء الصراط المستقيم:١/ ٣٢٨.

<<  <   >  >>