ومن العلماء المجتهدين، والمفسرين المبرزين، الذين خاضوا غمار هذا الباب، وولجوا مضمار هذا الكتاب، إمام الكَلِم والمعاني، أبو المظفر منصور بن محمد السمعاني، فألف كتاباً أظهر فيه المقاصد، وأبان فيه المحامد، وملأه بالجواهر والدرر، من غزير الدروس والفوائد والأحكام والعِبَر. فهو كتاب جامع لمعاني الكتاب العزيز، مُلئ إلى مُشاشه بكل نفيس عزيز.
ولما كان كتاب السمعاني في التفسير، جامعاً لفنون العلوم، وعلى رأسها علم العقيدة، انصب الاختيار عليه؛ ليكون عنواناً لرسالة الدكتوراه. وبعد اختيار الموضوع الموسوم:
(آراء الإمام أبي المظفر السمعاني العقدية
من خلال كتابه " تفسير القرآن العزيز " جمعاً ودراسةً)
وعرضه على اللجنة المختصة بالجامعة الموقرة، تم قبول العنوان، فسألت الله تعالى التيسير والقبول والرضوان.
[أولا: أهمية الموضوع]
١ ـ يكمن في حلُّ التعارض الموهوم الذي يعرض للذهن، والذي يظهر أول وهلة في النصوص القرآنية المتعلقة بالعقائد.
٢ ـ إشباع الحاجة الملحة، للباحثين عن المعرفة الصحيحة، المبنية على التحقيق والتدقيق في باب العقائد، على وفق منهج السلف.
٣ ـ بيان خطأ اعتماد أهل البدع والخرافات، في تبرير بدعهم على نصوص الشرع المطهر.
٤ ـ بيان خطأ القراءة النصية المجردة عن فهم السلف الصالح، الذي يؤدي إلى انحراف في الفهم، يتبعه انحراف في التطبيق.
٥ ـ التخفيف من هول المشكلات التي تظهر على الساحة بين الفينة والأخرى، بين الأفراد والجماعات، ومحاولة تقليص الهوة، وسد الباب على المغرضين، خاصة فيما يتعلق بفروع مسائل الاعتقاد التي لا يُبَدع فيها المخالف؛ لأنها تُبيِّن اتجاهات علماء السلف في التعامل مع المخالف، والتفريق بين المسائل التي تُوجب الرد والهجر من غيرها.
٦ ـ الذب عن علماء السلف من الاتهام المبطن، المتضمن قصور نظر السلف عن إدراك معاني آيات الصفات، وأن منهجهم قائم على التسليم للنصوص، وأن منهج الخلف مبني على الفهم والعلم، ولذا زعموا أن طريقة السلف أسلم، وطريقة الخلف أعلم وأحكم.