للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومن الأمثلة على ذلك: كتابه القواطع، خصصه لمسائل علم أصول الفقه، فتجده في أكثر من موطن منه، يُشير إلى بعض المسائل بأن متعلقها أبواب أصول الدين، وليس علم أصول الفقه، وإنما أشار إليها في هذا المقام لحاجة، ونادرا ما يطيل فيها، ومن النماذج:

- مسألة إمامة علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وأنها منصوص عليها، فقد أشار إليها عرضا في باب المتواتر، ثم قال: والمسألة من باب أصول الدين، وليست من باب أصول الفقه، فتركنا الإطناب في ذلك (١).

- وفي مسألة أول واجب على المكلف: بيَّن قول السلف وطريقتهم المباينة لطريقة المتكلمين، ثم قال: وهذا الكتاب (القواطع) إنما قصرناه على محض أصول الفقه، وليست هذه المسألة من باب أصول الفقه (٢).

وكذلك يُشير السمعاني في كتابه القواطع والتفسير، إلى بعض المسائل التي محلها علم الفقه والخلافيات، فلا يطيل في ذكرها، ولا يسهب في بحث مسائلها، وهو بهذا يؤكد على قضية استقلالية العلم المختص في فن من الفنون.

الثانية: فيما يتعلق بترتيب كتبه زمنيا:

يُعد كتاب القواطع للسمعاني من الكتب المتأخرة في التصنيف لداه؛ فتجده كثيرا ما يُشير فيه إلى مصنفاته الأخرى، فقد أشار فيه: إلى كتاب الانتصار، والاصطلام، والبرهان، ومنهاج السنة.

[المطلب الخامس: وفاته]

بعد أن قضى الإمام السمعاني حياته في الرحلة للعلم وأهله، فأملى وحدث بها، ونشر العلوم وبثها، وكتب الفنون وخطها، وجاهد في الله تعالى حق جهاده، وافته المنية، فلحق بركب الصالحين، وانتقل إلى الله رب العالمين، تاركا وراءه خلفا صالحا يدعو له، وعلما نافعا يشفع له.

فرحمة الله تعالى على هذا الإمام العلم، الذي وافته منيته عن ثلاث وستين سنة، حفلت بكل خير.


(١) - السمعاني: القواطع: ١/ ٣٣٢
(٢) - السمعاني: مرجع سابق: ٢/ ٦٨

<<  <   >  >>