للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: إعجاز القرآن الكريم]

لاشك، ولاريب، ولا مرية، أن القرآن الكريم مُعجز، وقد تحدى الله جل وعلا به الكفار، فقال تعالى: {وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنَا عَلَى عَبْدِنَا فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ وَادْعُوا شُهَدَاءَكُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ (٢٣) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا وَلَنْ تَفْعَلُوا} [البقرة:٢٤]، يقول السمعاني: " وإنما قال هذا؛ لبيان المعجزة؛ لأن القرآن كان معجزة النبي صلى الله عليه وسلم، حيث عجز الكل عن الإتيان بمثله " (١).

وكذب الكفار حيث قالوا بعد سماعهم القرآن: {قَدْ سَمِعْنَا لَوْ نَشَاءُ لَقُلْنَا مِثْلَ هَذَا} [الأنفال:٣١]؛ لأن القرآن مطمع ممتنع، فقد يتوهم صفوهم أنه يقول مثله، ويمتنع عليه ذلك، فيخطئ ظنه، ولربما توهم بجهله، أنه يمكنه الإتيان بمثله، ولكنه كان عاجزاً. (٢)

ولا زال التحدي قائماً على الكفار، مرة بعد مرة، أن يأتوا بمثل هذا القرآن، أو بسورة من مثله، قال تعالى: {أَمْ يَقُولُونَ افْتَرَاهُ قُلْ فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِثْلِهِ وَادْعُوا مَنِ اسْتَطَعْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [يونس:٣٨]، يقول السمعاني: " معنى الآية: هو الاحتجاج على الكفار بمعجزة القرآن، فإنهم كانوا يقولون: إن محمداً قد افتراه، فقال لهم: إن كان افتراه، وأتى به من عند نفسه، فأتوا أنتم بمثله " (٣). والمثلية هنا: في البلاغة، والنظم، وصحة المعنى. (٤)

قال علي بن عيسى النحوي: البلاغة على ثلاث مراتب: المرتبة العليا: معجزة، والوسطى والأدنى ممكنة، والقرآن في المرتبة العليا من البلاغة. (٥)


(١) السمعاني: تفسير القرآن: ١/ ٥٩
(٢) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٢٦١
(٣) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٨٤
(٤) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٣٨٤
(٥) السمعاني: تفسير القرآن: ٢/ ٤١٧

<<  <   >  >>