للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

[المبحث الثالث: مسائل في الملائكة]

[المطلب الأول: التفضيل بين الملائكة والبشر]

أشار السمعاني في تفسيره إلى الخلاف الواقع بين العلماء، في مسألة التفضيل بين الملائكة والبشر، ورجح القول بالتفصيل، وذلك أن عوام المؤمنين الأتقياء، أفضل من عوام الملائكة، وخواص المؤمنين، أفضل من خواص الملائكة (١).

فالإمام السمعاني ينحو إلى تفضيل البشر على الملائكة، على التفصيل المذكور، وهذه المسألة محل نزاع عند المتأخرين، حتى كان يُمتحن بهذه المسألة بين أهل السنة والبدعة، يقول الإمام أبو الفرج الشيرازي في جزئه في امتحان السني من البدعي:" يُسأل عن الطائعين من بني آدم، هل هم أفضل من الملائكة، أم الملائكة أفضل منهم؟ فإن قال: الآدميون المطيعون أفضل من الملائكة فهو سني، وإن قال الملائكة أفضل منهم فهو بدعي" (٢)، والقول بتفضيل الملائكة على صالحي البشر منسوب إلى المعتزلة (٣)، وإن كان هذا القول منسوبا إلى المعتزلة، فهل هو شعار لأهل البدع، بمعنى أن من قال إن هذا القول نُسب إليهم، لايلزم ذلك، وإن كان ظهور هذا الخلاف ناشئا بعد تشتت الأهواء بأهلها، وتفرق الآراء، وإلا فإن المستقر عند الأولين، أو هو كالمستقر عندهم، أنهم كانوا يعتقدون أن صالحي البشر أفضل من الملائكة (٤)، وقد حكى ابن حزم الخلاف في المسألة، ورجح تفضيل الملائكة على البشر (٥).

وقال الإمام أحمد: "وأن بني آدم أفضل من الملائكة، ويُخطئ من يفضل الملائكة على بني آدم " (٦).

وقد حكى الإمام الأشعري الخلاف في التفضيل بين الملائكة والأنبياء فقال:

" واختلف الناس هل الملائكة أفضل أم الأنبياء؟ فقال قائلون: الملائكة أفضل من الأنبياء، وقال قائلون: الأنبياء أفضل من الملائكة، والأئمة أفضل من الملائكة أيضا وهذا قول الروافض، وقال قوم من المتنسكين: إنه جائز أن يكون في الناس غير الأنبياء والأئمة من هو أفضل من الملائكة " (٧).


(١) السمعاني: تفسير القرآن:٤/ ٢٦٣
(٢) الشيرازي: جزء فيه امتحان السني من البدعي:٢٥٨
(٣) ابن أبي العز: شرح الطحاوية:٣٣٨
(٤) ابن تيمية: مجموع الفتاوى:٤/ ٣٦٩
(٥) ابن حزم: الفِصَل:٥/ ١٧
(٦) أحمد بن حنبل: العقيدة رواية أبي بكر الخلال: دار قتيبة-دمشق، ط ١، ١٤٠٨ هـ، (١٢٦)
(٧) الأشعري: مقالات الإسلاميين:٢/ ٣٢٦

<<  <   >  >>